للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أدبنا الجديد]

وحظ من الاتصال بثقافتنا التقليدية

للأستاذ إسماعيل مظهر

ركدت الحركة الأدبية في مصر ركوداً أشبه بأن يكون سباتاً عميقاً. ولقد حدث هذا الركود إثر نشاط عظيم في الإنتاج والنقد والترجمة، وإثر شعور قوي بأن الشباب أحق بأن يتزعموا حركة الأدب، وأن ينتزعوا الزعامة الأدبية من أدباء الشيوخ. ولقد اصطبغت حركة الشباب بألوان مختلفة، مهما يكن فيها من مظاهر التطرف حيناً، ومن مظاهر التفريط حيناً آخر، فإنها دلت في بعض أطوارها على حيوية قوية، وطموح، وتطلع إلى إحياء ما قيل إنه أدب جديد. وما من شك في أن حدوث هذا الركود عقيب ما أبدى الشباب من نشاط، ظاهرة جديرة بالبحث، خليقة بأن تدرس من نواح مختلفة، وأن تحلل في ضوء الحقائق التي أحاطت بها، والحقائق التي أحاطت بأدبنا الحديث على وجه عام. ذلك بأن شباباً يعجز عن تكوين فكرة جديدة في الأدب، أو تقعد همته عن خلق تصور جديد في الفن، إنما هو شباب ينذرنا من الآن بأن أدبنا سوف يبقي جيلاً آخر في داخل الحدود التي رسمها للأدب أولئك الذين سماهم الشباب أدباء الشيوخ

وإني لآمل ألا يتبادر إلى الشيوخ من أدبائنا أني أعني بذلك أن أدبهم لم يؤد لأهل هذا الجيل شيئاً جديداً، أو أن وقوف الأدب عند الحد الذي بلغوا إليه دليل على جمود الأدب، وإنما أعني بذلك أن وقوف حركة الأدب، وركود التصور الفني عند حد بلغه شيوخنا من غير أن يعقب عليهم الشباب بأدب جديد له صبغه خاصة وفن له تصورات ذات طابع مستقل عن طابع الفن الذي عرفناه، دليل قاطع على أحد أمرين: إما أن الشباب عاجز عن الابتكار، وإما أن الأدب الذي روج له الشيوخ أدب غير منتج؛ وكلا الأمرين يحفزنا إلى أن نبحث الأمر من وجهيه: علاقة أدب الجيل الجديد بأدب الجيل السابق، وعلاقة الأدبين بالنظرية التي نروج لها: نظرية أن الأدب الثابت والفن الأصيل إنما يجب أن يتجه دائماً إلى إحكام الرابطة بين الصور التي يتشكل فيها، والصور التي قامت عليها ثقافتنا التقليدية

ولقد عبرت عما أعني بالثقافة التقليدية في المقالات التي نشرتها لي (الرسالة) بعنوان (التعليم والحالة الاجتماعية في مصر)، وصورت على قدر ما أتيح لي مجمل ما أدركت من

<<  <  ج:
ص:  >  >>