في (تاريخ الطبري): أتى أبو معاوية فقال: ما يدعوك إلى أن تسمي مال المسلمين مال الله؟ قال: يرحمك الله - يا أبا ذر - ألسنا عباد الله، والمال ماله، والخلق خلقه، والأمر أمره. قال: فلا تقله. قال: فلاني لا أقول: ليس الله، ولكن سأقول: مال المسلمين. وقام أبو ذر بالشام وجعل يقول: يا معشر الأغنياء، واسوا الفقراء، بشر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاو من نار تكوى به جباههم وجنوبهم وظهورهم. فما زال حتى ولع الفقراء بمثل ذلك، وأوجبوه على الأغنياء، وحتى شكا الأغنياء ما يلقون من الناس. فكتب معاوية إلى عثمان: إن أبا ذر قد أعضل بي، وقد كان من أمره كيت وكيت فكتب إليه: جهز أبا ذر إلى، وابعث معه دليلا، وزوده وارفق به. فلما قدم المدينة ودخل على عثمان قال: يا أبا ذر، ما لأهل الشام يشكون ذرَبك؛ فأخبره أنه لا ينبغي أن يقال مال الله، ولا ينبغي للأغنياء أن يقتنوا مالا. فقال: يا أبا ذر، علَّي أن اقضي ما علَّى، وآخذ ما على الرعية، ولا أجبرهم على الزهد، وأن أدعوهم إلى الاجتهاد والاقتصاد. ودخل أبو ذر على عثمان وعنده كعب الأحبار، فقال لعثمان: لا ترضوا من الناس بكف الأذى حتى يبذلوا المعروف وقد ينبغي للمؤدي الزكاة إلا يقتصر عليها حتى يحسن إلى الجيران والإخوان ويصل القرابات. فقال كعب: من أدى الفريضة فقد قضى ما عليه، فرفع أبو ذر محجنه فضربه فشجه. . .
٦٢٥ - هؤلاء مماليكنا. . .!
(إخبار العلماء بأخبار العلماء): بلغ ثوسيوس (الشاعر اليوناني) أن عدواً له اغتابه فقال هذا الشعر (على طريقة يونان): بلغنا أن كلباً وقرداً اجتازا بمقبرة سباع، فقال القرد للكلب: اصعد بنا لنترحم على هؤلاء الموتى. فقال الكلب، ومن أين هذه المعرفة بينكما؟ قال القرد: سبحان الله! أما تعلم أن هؤلاء مماليكنا؟ قال الكلب: والله ما أعلم شيئا من هذا ولكني كنت أحب أن يكون أحدهما حاضراً وتقول هذا.