[بين الحب والحظ]
سلْمَى
للأستاذ علي شرف الدين
حَنِينُ فُؤادٍ عادَ لي مِنْهُ مَا بَدَا ... وَكم رَائحٍ يَأْتِي بِأَخْبَارٍ مَنْ غَدَا
بِقيَّةُ دَمْعٍ في جُفُونِي تنبَّهتْ ... وَآثاَرُ جَمرٍ في ضُلُوعِي توَقَّدَا
وَقَدْ كُنْتُ وَدَّعْتُ الْهَوَى وَشُجُونَهُ ... فلَمَّا رَأَتْ عَيْناَيَ (سَلْمَى) تَجَدَّدَا
قَصِيدَةُ شِعْرٍ صَاغَهَا اللهُ فِتْنَةً ... سَماَوِيَّةُ الألحَانِ عُلويَّةُ الصدَا
يَطوفُ بِها في رَفرفِ الْخلدِ طَائرٌ ... إِذَا لاحَ ضَوءُ الصَّبحِ رَاحَ مُغَردا
وَزَهرةَ رَوضٍ قَبلَ الْفجرُ ثَغرَهَا ... وَألقَى لَهاَ فيِ جَيبَها العِطْر وَالنَّدا
أرَقُّ مِن الأطيافِ في قَلبٍ رَاهبٍ ... تَبّتلَ حَتّىَ صَارَ روُحاً مُجَرَّدا
وَأجَملُ مِنْ عُرسِ الرَّبيعِ بِربَوةٍ ... وَأروَعُ مِن فَخرٍ عَلَى الرِّيفِ قَدْ بَداَ
تَوَدَّ النُّجُومُ الزُّهْر لو كان نظمُها ... عَلَى جِيدِهَا المَطلُولِ عِقداً مُنضَّدا
وَطَير مُروُجِ الرِّيفِ لَوْ سَال لَحنُهاَ ... مَعَ الصُّبحِ منْ سَلمَى حَديِثاً مُرَددَا
فَيَا ظَبيَةَ الفْردَوسِ فَرتْ وَلَمْ تَعُد ... عَجْبِتُ لَمن لا يَرتَضي الْخلدَ مَعْهَدا
وَيَا فَرحَةَ الدُّنياَ التَّي هَزَّ بِشرهُا ... جَوَانِح قَلبٍ كانَ للحُزنِ مَعبَدا
وَيَا سَلوةَ المَحزُونِ ضَاعَ جِهادُهُ ... حَوَى شَبحاً نضْراً وَفِكراً مُشردا
وَيَا أمَلَ المُظلومِ عُفِّرَ حَظَّهُ ... فَعادَ كَسيرَ القَلبِ حَيرانَ مُجهدا
لئنْ حَجبتْ نَجميِ عَلى الأفْقِ غَيمةٌ ... فَقدْ مَلأتْ سَلمَى سَمائيَ فَرقدَا
وَإِن صَيرتنْي كَبوةُ الحظِّ مُخفقاً ... فحسبِي نَجاحاً أنْ أرَاهَا فأسْعدا
نسيتُ بِكِ الآلامَ وَهَي كثيرةٌ ... وَبَدلتنيِ منهاَ السُّرور المُجددَّا
وَأبصرتُ جُنحَ الَّليل أزْهَر مُشرِقاً ... وَكُنتُ أرَى قَبلاً سَناَ الصُّبح أرْبدَا
وَشاعَ الرِّضا في جَبهةٍ فاضَ نُورُها ... وَقد كُنتُ عُمري سَاخطاً مُتمرِّدا
وَإنِّي عَلى حُبي الحَياةَ وَهدبهاَ ... مَدينٌ لسَلمى بالحَياةِ وَبالهُدى
خَيالٌ لَها مثلُ الحقيقةَ طيفهُ ... أكادُ مَع النَّجوى أمُدُّ لهُ يَدا
لَعمرُك مَا سَلمى سِوىَ أقحُوانةً ... لَها صَورةَ الإنِسان جِسماً مُجسدا