اسم الملك في مصر القديمة دليل على عراقة النظام الملكي فيها، لأنه دليل الرسوخ والتوطد والعمران المستفيض على حين يعرف الملك في البلدان الأخرى بأسماء قريبة من البداوة أو من حالة البداية الفطرية.
فالملك في اللغات اللاتينية مأخوذ من كلمة الراجا الهندية وهي في الأصل بمعنى الربان.
والملك في اللغات السكسونية مأخوذ من كلمة جناكا الهندية وهي بمعنى الوالد، ولعلها كما يرى بعض الباحثين في اللغات القديمة قريبة من كلمة الخان وما إليها.
والملك في العربية وأخواتها بمعنى الاستيلاء، والأمارة بمعنى الأمر، وكلاهما يتحقق لأصغر الحاكمين ولو كانوا من رؤساء العشائر، لأن المرجع فيهما إلى الرآسة حيثما كان رئيس ومرؤوسون.
أما (بارو) أو فرعون كما نعرفها الآن فمعناها (الباب الكبير) أو (الباب العالي) وهو الاسم الذي كان المصريون الأقدمون يعرفون به ملك البلاد، وتسمية الملك به دليل على (تطور) الحكم عندهم من حالة الأبوة أو الزعامة البدائية أو الرآسة المستمدة من أواصر القرابة إلى حالة السياسة وتدبير العمران وقيام الدواوين ومراسم السلطان.
كذلك كان المصريون يعرفون التيجان ومعانيها السياسية إذ كان لا يتجاوزون عهد العصابة أو عهد الإكليل من النسيج والزهر، ثم من المعادن والجواهر، فكان لملك الوجه البحري تاجه وشعاره، وكان لملك الوجه القبلي تاجه وشعاره، ثم اتحد الوجهان فاتحد الشعاران؛ وظل الملوك حينا يلبسون هذا أو يلبسون ذاك للدلالة على الحقوق السياسية التي تناط بكل تاج وكل شعار.
وعراقة النظام الملكي معقولة طبيعة في بلاد كالبلاد المصرية تحتاج إلى نظام واحد في الرأي ونظام واحد في الحكومة، ويد واحدة تشرف على سقيها وتدبير معيشتها؛ ويساعد على استقرار (النظام) فيها أن أمورها كلها مستقرة تجري على مثال واحد قليل التغيير والتبديل.