تفجرت هذه المقطوعات من قلبي، فكتبها أحد أصدقائي، ذات صباح، وهو إلى جانب سريري، ذلك هو السيد مونشلان الذي عني بأمري، عناية أخ، في مرضي الطويل الخطر الذي نزل بي في باريس عام ١٨١٩.
ماذا أسمع؟ الناقوس المقدّس يرنّ من حَولَيهْ! وما هذه الثُّلة من رجال الدين تحيط بي باكية؟ ولمن هذه الأغنيَّة الحزينة وهذه الشعلة الخافتة؟ إيه أيتها المنية! أهذا صوتك الذي يقرع أذني للمرة الأخيرة؟ أجل! إني لأستيقظ على حافة القبر!
وأنت أيتها الشرارة العزيزة من الجذوة الإلهية، والقطينة الخالدة في هذه الجثة الفانية، لا تخافي ولا تفزعي: فالموت آتٍ لخلاصِك! طِيرِي طَيَرانَك يا نفسي، وتجرّدي من أغلاِلك! فهل الموت إلا وضع آصار التعاسة البشرية؟
أجل! لقد انتهى الزمن من قياس حياتي. فيا أيتها الملائكة النورانية في مقامها السماوي، إلى أي دار جديدة أنتم آخذون بي؟ الآن! الآنَ أنا أسبح في أمواج من الضياء، وإن الفضاء ليتسع أمامي، وكأن الأرض تفِرُّ من تحت أقدامي!
ولكن ما هذا الذي أسمع؟ في اللحظة التي تستيقظ فيها روحي، أسمع الحسراتِ والتنهداتِ تقرع أذني! ما هذا يا رفاق المنفى! أتبكون مماتي! ولقد شربت منذ قليل من الكأس المقدسة نسيان الآلام، ووَلَجت روحي المنتشية أبواب السماء؟