اطلعت على كلمة للدكتور عمر حليق عن الاتجاهات الحديثة في الثقافة الأردية، الصادرة في العدد ١٠٠٤ من الرسالة الزاهرة، فاستوقفتني منها أمور أحببت أن ألفت إليها نظر الكاتب وأصحح بذلك ما وقع في كلمته من الأخطاء. والذي يظهر من المقال أن حضرة الدكتور لا يعرف اللغة الأردية، ولم يطلع على روائع الأدب الأردي مباشرة؛ وله بعض العذر في ذلك. أما الذين تكرموا بتزويده بالمعلومات الخاطئة، فليس لهم عذر؛ اللهم إلا أن يكونوا من طلاب الأدب، وإنما اضطروا إلى القيام بهذا الواجب بصفتهم الرسمية. ومهما يكن الأمر، فإن الواجب يحدوني أن أشفع تلك المقالة بكلمة موجزة من عندي، عسى أن يتقبلها الدكتور الفاضل بقبول حسن.
إن أول ما استوقفني من كلمة الدكتور، هو الفرق بين الأدب الأردي قبل الاستقلال وبعده، والدعوى بابتعاده عن تقليد الغرب، والعدول عن إتباع تيارات الثقافة الغربية بعد الحصول على باكستان. ولكن من دواعي الأسف أن الأمر ليس كذلك؛ بل الحق أن الأدب الأردي الحديث أخذ في الانحطاط بعد الاستقلال، وشرع الكتاب الجدد في تقليد الأدب الغربي وإتباع معالمه من غير أن يبتكروا شيئا. وأكبر شاهد على ذلك ذيوع المجلات الخليعة الداعرة في السنين الخمس الفارطة وكثرة انتشارها وقلة المجلات الراقية المحتشمة. والمجلات الأدبية أيضاً يستولي على معظمها الشيوعيون الذين يسمون أنفسهم (تقدميين) والذين جل همهم أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا. وقد رفع أمر بعض أئمة الكفر والضلال منهم - أمثال سعادت حسين منسوط والكاتبة عصمت بغتالئ - في المحكمة وعوقبوا بغرامات زهيدة ما زادتهم إلا شرا وتماديا في الغي. وهناك قسم ثالث - وهم لا يكادون يتجاوزون عدد الأنامل - يريدون أن يخدموا الأدب للأدب وحده، ولا ينحازون إلى دعاة الفحشاء والخلاعة. وعلى رأسهم الأستاذ بشير أحمد صاحب مجلة (همايون) الشهرية، الذي كان وزيرا مفوضا لباكستان في تركية منذ عهد قريب.
ولا يحسبن القارئ أن دعاة الإسلام والمستمسكين بالفضيلة والأخلاق ساكتون أمام هذه الدعوات الخليعة التي تروجها المجلات الداعرة وتساعد عليها محطات الإذاعة بأغانيها