جرت مناقشة طريفة بين فضيلتي المفتي السابق والمفتي الحالي فيما يتبع في الاحتفال بالجمل الذي يحمل كسوة الطعبة، من طوافه سبع مرات بمكان الاحتفال وتقبيل مقوده عند تسليمه لأمير الحج وتجمع الناس وتسابقهم إلى التبرك بالجمل وما يحمل. . . كتب المفتي السابق في جريدة (الأساس) جوابا عن سؤال، قال إنها بدعة سيئة لا يقرها الدين. فكتب المفتي الحالي في (المصري) كلاما عجيباً دافع به عن المحمل) وما يلابسه من الأعمال التي أنكرها المفتي السابق.
ووجه العجب في كلام المفتي الحالي أن فضيلته - وهو مفتي الديار المصرية - لم يستند إلى أصل من أصول الدين، بل أخذ فضيلته (الجلالة) فراح يصف مشاعر الناس واهتزاز نفوسهم عندما يرون الجمل وتقبيل مقوده ذاهبا إلى أن ذلك يذكرهم برب الكعبة التي يحمل الجمل كسوتها. . . وزاد على ذلك فقال أن هذا تجديد في الدين!
وما أخال فضيلته إلا مسلما بأن الله خالق كل شيء ورب كل شيء، وكل شيء يذكر به تعالى. وإذا كان يصح التبرك بالجمل ومقوده لأنه يحمل كسوة الكعبة، أفلا ينبغي أن يكون للتبن الذي يأكله الجمل نصيب من ذلك التبرك والتقديس. . .؟ وهذا البرسيم الأخضر، ما قول فضيلته فيه وهو الذي يكسب الجمل القوة التي يقتدر بها على حمل محمله. . .؟
إن مشاعر الناس يا سيدي أن تتعلق بكل شيء، وكل ما يعبد ويقدس - حقا أو باطلا - تهتز له نفوس عابديه ومقدسيه. وأنتم - مصابيح الدجى وأعلام الهدى - ملكون الإرشاد والتنوير وتوجيه العقول والمشاعر إلى ما يجدر أن تتوجه إليه. ولا أحسب من ذلك هذه المهازلة (المحملية) ومواكبها المزرية التي تصفونها بأنها تجديد في الدين. وهي أدنى إلى العبادات البدائية الخرافية.
أي تجديد هذا يا فضيلة الأستاذ؟ ومن هو المجدد المصلح الذي جدد في الإسلام بتقبيل مقود الجمل؟ هل رأى ذلك المجدد أبقاء أركان الإسلام خمسا فقط جمود ديني لا يتفق وروح العصر الحديث فأضاف (جمل المحمل) إلى الصلاة والصوم والزكاة والحج والجهاد؟!