للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عبقرية محمد علي الكبير]

للأستاذ كمال السيد درويش

(حقا لقد كان عبقريا!)

هتفت بهذه العبارة من أعماق قلبي ونطق بها لساني بعد ان ملك الإعجاب نفسي. كان ذلك بعد ان انتهيت من قراءة بعض صفحات تاريخه الخالد بمناسبة ذكراه.

قلبت تلك الصفحات، فاستوقفني ذلك الحوار الذي دار بين محمد علي وبين بركارت الرحالة السويسري. كان الرحالة قد اعتنق الإسلام وتسمى بالشيخ إبراهيم أطلق لحيته حتى يتسنى له الاختلاط التام بالمسلمين. وكان محمد علي قد سافر بنفسه - كما هو معروف - إلى بلاد العرب على راس حملة عسكرية لمساعدة نجله في قتال الوهابيين. ويصل الشيخ إبراهيم إلى الحجاز في ذلك الحين ليؤدي فريضة الحج مع المسلمين ومدون ذلك كله في كتابه المشهور.

ويستدعي الباشا الرحالة - وقد علم بوجوده - ما السر في حضوره إلى الحجاز؟ وفي ذلك الحين بالذات؟ إلا يحتمل ان يكون جاسوسا إنجليزيا؟ دارت هذه الأفكار في ذهن الباشا فالتفت إلى بركات وهو يقول مداعبا: إلا ترى معي يا شيخ إبراهيم ان اللحية وحدها لا تكفي لجعل الإنسان مسلما حقيقيا؟ وحين يحجم الرحالة بين ذلك على تكرار الزيارة لان الباشا يشك في أمره - كما فهم - يقول محمد علي لترجمانه: اخبره باني ارحب به سواء كان مسلما أو غير مسلم.

وتعددت المقابلات بينهما. . .

ويستفسر محمد علي منه عن أسفاره السابقة إلى بلاد النوبة، ثم يستدرج السؤال عن المماليك ومدى قوتهم وعن رائيه في عدد القوة التي تكفي للقضاء عليهم، وافضل الطرق للوصول إلى السودان وعن المال اللازم لإعدادها.

وتصل إليهما في أثناء ذلك الحين أخبار هزيمة نابليون وبدخول الحلفاء باريس وإبعاد نابليون إلى جزيرة ألبا، ويسأله الرحالة عن رأيه في تلك الحوادث، ويعلق محمد علي بقوله: ان نابليون كان جبانا في سلوكه. وكان يجدر به ان يلقى حتفه في الميدان بدلا من الاستسلام للذل والهوان وللحبس في هذا القفص حتى غدا أضحوكة العالم بأسره. ثم يلتمس

<<  <  ج:
ص:  >  >>