للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الضمير الأمريكاني. . .! وقضية فلسطين]

للأستاذ سيد قطب

أخيراً يتكشف ضمير (الولايات المتحدة) الذي تعلقت به أنظار كثيرة في الشرق , وحسبته شيئاً آخر غير الضمير الإنجليزي والضمير الفرنسي , وسائر الضمائر الأوربية المعروفة

أخيراً يتكشف ضمير (الولايات المتحدة) هذا , فإذا هو - ككل شيء أمريكي آخر - (ضمير أمريكاني)!

ونحن نعرف في مصر (اللعبة الأمريكانية) ونعرف إنها (نصب) في (نصب) وقد حرمت هذه اللعبة لما فيها من غش وخداع. و (الضمير الأمريكاني) الذي تكشف عنه تصريحات ترومان لا يرتفع كثيراً عن هذه اللعبة الممنوعة!

ولقد كان الكثيرون مخدوعين في هذا الضمير؛ لأن الشرق لم يحتك طويلاً بأمريكا، كما احتك بإنجلترا وفرنسا وهولندا، فلما بدأ الاحتكاك في مسألة فلسطين تكشف هذا الخداع عن ذلك الضمير المخول، الذي يقامر بمصائر الشعوب، وبحقوق بني الإنسان، ليشتري بضعة أصوات في الانتخاب.

وكلهم سواء أولئك الغربيون: ضمير متعفن، وحضارة زائفة، وخدعة ضخمة اسمها (الديمقراطية) يؤمن بها المخدوعون!

تلك كانت عقيدتي في الجميع، في الوقت الذي كان بعض الناس يحسن الظن بفريق ويسيء الظن بفريق، وكانت أمريكا في الغالب هي التي تتمتع بحسن الظن من الكثيرين

فها هي ذي أمريكا تتكشف للجميع. هذا هو (ترومان) يكشف عن (الضمير الأمريكاني) في حقيقته، فإذا هو نفسه ضمير كل غربي، ضمير متعفن، لا يثق به إلا المخدوعون!

إنهم جميعاً يصدرون عن مصدر واحد، هو تلك الحضارة المادية التي لا قلب لها ولا ضمير. تلك الحضارة التي لا تسمع إلا صوت الآلات، ولا تتحدث إلا بلسان التجارة، ولا تنظر إلا بعين المرابي، والتي تقيس الإنسانية كلها بهذه المقاييس.

كم ذا اكره أولئك الغربيين وأحتقرهم! كلهم جميعاً بلا استثناء: الإنجليز، الفرنسيين، الهولنديين، وأخيراً الأمريكان الذين كانوا موضع الثقة من الكثيرين.

ولكني لا اكره هؤلاء وحدهم، ولا احتقر هؤلاء وحدهم. إنما اكره واحتقر أولئك

<<  <  ج:
ص:  >  >>