للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مسرحية إخناتون]

تأليف الأستاذ علي أحمد باكثير

للأستاذ لبيب السعيد

الأستاذ علي أحمد باكثير شاب حضرمي طوف في الشرق ما طوف، ثم استقر في مصر يخدم الأدب والعلم. وقد بلوناه حيناً شاعراً له طابعه. وها نحن أولاء نرى فيه كاتباً تمثيلياً وقصاصاً يبشر إنتاجه بأن سيكون له في المستقبل الداني شأن أي شأن.

ترينا هذه المسرحية إخناتون أميراً شاعري الروح، قضت زوجته (تادو) فكان حزنه عليها فوق الصبر، داعياً للإلحاد والكفر، ثم انثنى يتنكر لكل شيء، ويدرس الديانات والفلسفات مما أخاف كهنة آمون على سلطانهم أن يزول حين يؤتى الأمير الملك

وتزوجه أمه من (نفرتيتي) موهمة إياه أنها (تادو) عادت إليها الحياة، ويصدق هو ذلك لاعتقاده بإمكانه، ويسعد بالزوجة الجديدة التي نسخ الحب فيها روح (تادو)، ثم يضحي الأمير من بعد ملكا رسولاً. ولكن الرسالة التي فهم أن من مبادئها السلام تجني على الملك الذي يقتضي الحرب، فتنبعث الفتنة في كل مكان، ويكيد الكهان لإخناتون، ويمضي هو مع ذلك في إخلاصه للسلم والحب، فإذا فشل أخيراً وآده اليأس ألحد في ربه، ثم يدرك وشيكا أن التسامي الشعري غير الواقعية، وأن لا مناص من السيف وحطم الظلم بالعدل. ويثوب إليه إيمانه وهو يحتضر

تومئ هذه المسرحية في ثناياها إلى أن الجمال الباهر والحزن العميق يستطيعان أن يدقا الشعور ويهيئا النفس لتلقي الرسالات

ومن حسناتها اللامعة التفاتها الخاص إلى السيكولوجية: ومن مصاديق ذلك غيرة (نفرتيتي) من مجرد ذكرى ضرتها الميتة، وأحزان (مي) أم إخناتون على زوجها بعد مماته، وحنينها المؤثر إلى أيامه، وغيرتها من كنتها، وتغير إحساسها نحوها، وموازنتها بين طاعة ابنها الذي يشفق على قلبها وطاعة زوجها الفقيد طاعة الحب العمياء، وفزع الكاهن (سادو) من ذكر الثعابين حتى ليكاد من جبنه يحس دبيب الحية في عنقه. هذه وغيرها صور وحالات استمدت جمالها وقوتها من اعتمادها على السيكولوجية

ومن أبرع وألذ ما حوت المسرحية ذكريات الأمير عن (تادو) بعد فجيعته فيها، ما كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>