(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد، إن الأستاذ مصطفى صادق الرافعي يرحمه الله، يقول في الطبعة الثانية من كتابه إعجاز القرآن في هامش صفحة ١٣٢ تعليقاً على الآية القرآنية: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. . .
(فجاءت العبارة في الآية الكريمة كأنها سلالة من علم تتسع لمذهب القائلين بالنشوء، ولمذهب القائلين بالخلق، ولمذهب القائلين بانتقال الحياة إلى هذه الأرض في سلالة من عالم آخر. . .).
فإن كانت نظرية دارون صحيحة فإني أريد أن اعرف رأيكم في الكيفية التي يقبل بها القرآن الكريم أن يكون الإنسان من سلالة القردة، وأرجو أن أقرأ ردكم على صفحات الرسالة الغراء، ولكم جزيل شكري والسلام). (مخلص)
والذي نلاحظه (أولاً) أن رواية مذهب دارون على هذا الوجه غير صحيحة. فإن دارون لا يقول بتسلسل الإنسان من القرد، ولا يلزم من مذهبه أن يكون كل إنسان منحدراً من القردة في أصله القديم.
وكل ما يلزم من مذهبه أن الإنسان والقردة العليا تلتقي في جذر واحد، وأن بين الإنسان والقردة العليا حلقة مفقودة لم توجد إلى الآن.
أما الآية القرآنية فهي لا تثبت المذهب ولاتنفيه، ومن الخطأ البين في اعتقادنا أن نجعل تفسير القرآن تابعاً للنظريات العلمية التي تنقض اليوم ما تثبته بالأمس، والتي يجري عليها الجدل بين المدارس العلمية - أو الفلسفية - على أسس شتى لم يتفق عليها العلماء.
ومن أمثلة ذلك ما ذهب إليه بعض المجتهدين المحدثين في التوفيق بين القرآن الكريم ومبادئ مذهب النشوء والارتقاء.
فالنشوئيون يقولون بتنازع البقاء، وهو مطابق للآية القرآنية:(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض).
ويقولون ببقاء الأصلح، وهو مطابق للآية القرآنية:(فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).