للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في تاريخ الأدب المصري]

٢ - ابن النبيه

للأستاذ أحمد أحمد بدوي

- ٣ -

اتصل شاعرنا كما ذكرت بطائفة كبيرة من عظماء عصره، فمدح الخليفة الناصر، أحمد أمير المؤمنين، واتصل بالملك العادل أخي صلاح الدين، واتصل كذلك بالقاضي الفاضل والوزير صفي الدين بن شكر وغيرهم، ولكنه لم يتصل بصلاح الدين، ولعل ذلك كان ناشئاً عن حداثته في ذلك الحين، واستصغار نفسه أن يتصل به، مع أن صلاح الدين كان ممدوحاً للقاضي الفاضل وغيره من كبار رجال العصر. غير أن أوثق الاتصال كان بينه وبين الملك الأشرف الذي أصبح به مختصاً معروفاً، كما عرف المتنبي بسيف الدولة، يسجل له مفاخره، ويحصى ما يناله من الخير والنصر، ويهنئه بالعيد إذا حل العيد، ويصف له القصور إذا بنى قصراً جديداً، وإذا أعان الحجاج سجل له يده، ويظهر أنه قد نال الخير والسعادة على يد الملك الأشرف، وإن كنا نراه في بعض الأحيان يشكو إليه، ويذكر ما قد يصيب علاقتهما أحياناً من الفتور، وذلك ما لابد منه، ولا سبيل إلى التخلي عنه، فهو يقول له:

كم اصطنعت وكم أوليتني حسنا ... فليس يبلغ أقصى الشكر أدناه

دامت علينا به النعمى وأمتنا ... مما نخاف أدام الله نعماه

أرجو لقاك لآمال ومنزلة ... فأنت لي سبب، والرازق الله

فأغنني يا ابن ذي المجد العلي وكن ... لي مسعداً في الذي أرجو وأخشاه

وأحياناً كان ابن النبيه يرسل إليه يطلب حاجة يجعل شفيعها غلاماً جميلاً يستقضي تلك الحاجة، ويحفظ له التاريخ من ذلك أنه أرسل هذا الغلام وكتب معه هذا الدوبيت:

أيقنت بأن حاجتي ليس تضيع ... مذ قدمها مهفهف القد بديع

في خضرة حده ليعينيك ربيع ... ما أقبح رده وذا الحسن شفيع

وكثيراً ما كان وهو لدي ولي نعمته الملك الأشرف يشتاق مصر ويرسل إلى أهلها السلام،

<<  <  ج:
ص:  >  >>