المتاحف أمكنة لحفظ التحف والألطاف والآثار. وهي الآن سبيل من سبل المعرفة. وقل أن تجد عاصمة غربية من غير دار للتحف تضم أشتاتاً من الآثار. فالمتحف البريطاني بلندن معروف مشهور. وهو مؤسسة قومية تضم كثيراً من الكتب والمخطوطات والمطبوعات والرسوم والآثار القديمة وقطع النقود. وقد أسس سنة ١٧٠٠، ولم تفتح أبوابه للزائرين إلا سنة ١٧٥٩
وفي باريس مجموعة من المتاحف أشهرها متحف اللوفر الذي يضم مجموعة ثمينة من الآثار المصرية القديمة والآشورية واليونانية والرومانية، وطائفة كبيرة من آثار العصور الوسطى والعصر الحديث.
وفكرة إنشاء المتاحف وفتح أبوابها لإفادة الجمهور فكرة أوجدتها النهضة الأوربية الحديثة المعروفة بالرينسنس. وكانت إيطاليا أسبق الأمم إلى العمل بها. ومنها تسربت إلى بقية الدول. وقد بدأ الإيطاليون بها في القرن الخامس عشر، وهو ذلك القرن الذي شهد مصرع الإسلام في الأندلس وسقوط دولة بني الأحمر
ويظهر أن الإيطاليين أخذوا فكرة المتاحف عن العرب الذين نقلت معارفهم وعلومهم وألوان ثقافتهم إلى أوربا عن طريق الإيطاليين. ولقد مهد لذلك وجود طائفة كبيرة من الآثار والتحف والألطاف التي أخذها الأسبانيون من خزائن ملوك غرناطة المسلمين. فكانت تلك الأسلاب والنهائب النواة لإنشاء المتاحف العامة التي تزدحم الآن بكثير من الآثار العربية وغير العربية.
ولم يكن عند العرب نظام المتاحف العامة حتى يقال إن الغربيين أخذوه عنهم. ولكن الحق أن العرب كان عندهم نظام المتاحف الخاصة والخزانات العامرة في قصور الخلفاء والأمراء والوزراء التي تحوي كل نفيس. وتضم كل ثمين. فرأى الغربيون أن يجعلوا ميدان الانتفاع بهذه الفكرة أوسع، ومجال الاستفادة منها أعظم؛ فنقلوها إلى بلادهم، وأخرجوها من ملكية الأفراد إلى ملك الأمة وتراث الوطن حتى يضمن لها البقاء، وتسلم