أثارت أهوال الحرب الأهلية الإسبانية جزع الكثيرين على مصير ذخائر إسبانيا الفنية والأدبية، ولكن السنيور كارلوس مونيثلو رئيس الجنة التي الفت للمحافظة على هذه الذخائر يؤكد لنا أن تراث إسبانيا الفني قد نجا من السلب والتخريب، وانه اليوم حيثما يصان من كل عبث، ولم تفت هذه المشكلة الخطيرة حكومة مدريد حينما اشتدت وطأة الحرب الأهلية، فقد الفت لجنة من العلماء والفنيين لتعنى بالمحافظة على تراث إسبانيا الفني؛ وبادرت اللجنة بنقل ذخائر الاسكوريال (ومنها المكتبة العربية الأندلسية) إلى مكان امين؛ ولما اشتد هجوم الثوار على مدريد وتقاطرت قنابلهم على المدينة المحصورة نقلت اللجنة معظم الذخائر الفنية إلى بلنسية حيث تقوم الآن حكومة الجمهورية. ويقول السنيور مونيثلو انه قد فقدت بعض الذخائر أو أتلفت خلال الحرب، ولكن من جهة أخرى وجدت ذخائر كثيرة كانت مدفونة في أعماق الأديار أو مخبأة في المجموعات الخاصة، وهذه وحدها تعدل كل ما فقد أو أتلف أو تزيد عنه. وقد وجدت أيضاً عدة صور ومخطوطات ثمينة في المنازل والمكاتب الخاصة التي تركها أصحابها حينما اقترب الثوار من مدريد، ومنها مخطوطات كانت قد سرقت من الكتبة الوطنية وقد سجلت هذه الذخائر كلها في قوائم سرية حيث لا يعرف بوجودها أحد، وحتى يبت في مصيرها متى وضعت الحرب أوزارها، ومما عثرت عليه اللجنة من الذخائر المجهولة مخطوط بأغاني برثيو أقدم شاعر إسباني، ومخطوط من كتب لوبي دي فيجا اعظم شعراء إسبانيا. وقد زعم الثوار أن الجمهوريين أتلفوا ذخائر كنيسة طليطلة ومنها صورة الجريكو الشهير، ولكن السنيور مونيثلو يؤكد أن الجمهوريين غادروا الكنيسة سليمة بكل ذخائرها وحافظوا عليها حتى اللحظة الاخيرة، وحاولت اللجنة الجمهورية أولاً أن تحمي المتاحف العامة بوضع أكياس الرمل وحظائر السمنت، ولكن إلقاء القنابل المحرقة كان يهددها بالدمار، فعند إذ قررت نقلها من مدريد، ونقلت معظم الذخائر الشهيرة مثل صور موريليو، وفيلاسكيز، ونقوش جويا، وصور رافائيل كلها إلى بلنسية، ولما شبت النار في قصر دوقات ألبه من جراء قنابل الثوار، بذل الجمهوريون جهداً عنيفاً لإنقاذ معظم ما فيه من الذخائر الفنية، وهكذا