لما فتح العرب مصر لم تكن العربية لغة البلاد، وإنما كانت لغة القوم خليطاً من المصرية القديمة والإغريقية والرومانية وغيرها، ثم أخذت العربية تحل محل هذا المزيج، وبدأت مصر بعد رسوخ الإسلام فيها تساهم بحظ في النشاط الذي كانت بغداد مصدره، على خلاف الحال في إفريقية الشمالية، حيث كان انتشار العربية بطيئاً جداً، حتى أنه - إلى القرنين التاسع والعاشر - لم تكن ثم دائرة أدبية تستحق الذكر إلا في القيروان بتونس، على حين كانت مصر قد صارت في القرن التاسع مركزاً لمدرسة تاريخ مستقلة في العالم الإسلامي. ومما ساعد على رسوخ اللغة العربية في مصر ونجاتها من العوامل التي كانت تحدث أثرها في هذه اللغة في آسيا، دخول الفاطميين وقيام دولتهم في مصر، فقد كانوا أنصاراً للعلم والثقافة، ومن أجل آثارهم هذا الأزهر الذي ظل بعد خراب نظائره في أسيا أكبر جامعة إسلامية، ولا يزال كذلك إلى الآن؛ فلا عجب إذا كانت عامية مصر أصح من عاميات الأمم العربية الأخرى وأقرب إلى الفصيح
وقد سقت أمثلة في فصل سابق، وإلى القراء طائفة أخرى من الألفاظ التي يتوهم الكثيرون أنها عامية، وهي صحيحة لا عيب فيها
فمن ألفاظ الطعام والآكال وما إلى ذلك:
النّشا - شيء يعمل به الفالوذج
القطائف - دقيق يعجن قريباً من الميوعة ويخمر ويحشى بالفستق وما إليه ويقلى
المُرَبَّي - معروفة
القَرَاصيا - الثمر المعروف
الزَّلاَبْيَةُ - حلواء معروفة
البَسيسة - دقيق يُلتُّ بالسمن ويؤكل ولا يطبخ، أو يطبخ
الكُرُنب، أو الكَرْنَبُ، والقُنَّبيط (تلفظه العامة قرنبيط) والخس، واللفت، والفجل، والكراث، والإسفاناخ، والفول، والحمص، والباذنجان، والعدس، والثوم، والرّجلة، والشبث،