وأخيراً وصلوا إلى النتيجة المحتمة فقال:(كم أكون أحسن حالا وأهدأ بالاً إذا أنا نسيت المشاجرات السياسية ووجهت قواي للعلوم والآداب التي لأجلها ولدت. وكل من يجعل حياته للوظيفة - إلا إذا كان أميراً سيدا - فهو إما أن يكون سخيفاً أو مغتصباً أو مجنوناً). وبمرور الزمن أصابت غوته الهموم وهاجمته الغموم، فأصبح مريضاً مرة أخرى وأراد التخلص من هذا الوضع الذي تردد فيه فقرر الفرار ناجياً بأهابه. وكان سبب ذلك - على ما نعلم - حادث غرام سقط في شبكته وذلك بتعلقه بالآنسة (فون شتاين) تلك الفتاة الغامضة الخفية، التي لم تخص من الجمال ولا من العاطفة بشيء يذكر. وقد كان لهذه الحادثة تأثير بالغ في حياته مدى جيل. ولو لم يفر بجلده لتحطمت حياته آنذاك، وكانت إيطاليا في هذه المرة محط رحاله - تحت سماء بهيجة رائعة وفي وسط شعب جنوني، أما هذه المرحلة من حياته فقد جعلها للتأمل في الفنون العظيمة، وكانت بمثابة تجربة أغنى بمعانيها وألطف في مدلولها من حادثة غرام تظهر فيها الفروسية الكاذبة التي شاءت الصدف أن تفرض عليه فرضاً في (وايمر).
إن إدراك معنى هذه التجربة صعب جدا ليس علينا وحسب بل حتى على المؤرخين الأدباء ودارسي غوته، فهم لا يعرفون عنها شيئاً، وهم يعترفون بذلك صراحة. ومن العسير علينا أن نشعر بما كان يشعر به من عواطف هي عواطف السعادة والتحرر والانعتاق، والتي يعبر عنها بتعجب بأقواله (إنني ولدت ولادة ثانية، ولادة حقيقية في ألوم الذي وصلت فيه ورما) وأشعر (بشباب جديد، شباب ثان، إنسان جديد، حياة جديدة) و (أشعر بتغيير في نخاع عظامي). كل ذلك أظهره في رسائله التي بعث بها إلى (شارلوت فون شتاين) التي تركها بدون وداع
إن الشمول هو الغرض الأساسي الذي كان يسعى إليه جهد استطاعته؛ والكلمة التي كانت