كان من حظي أن أكتب عن (الذخيرة لأبن بسام) في مجلة المقتطف شهر يوليو سنة ١٩٤٣ كتابة سمح بها المجال المحدود. وقد أثنيت فيما كتبت على جهدك وجهد إخوانك الذين قاموا بضبط هذا الكتاب النفيس وتحقيقه، ولقد وعدت أن أبعث إليك بكتاب خاص أصحح فيه بعض أخطاء في الطبع وقعت في الكتاب على الرغم مما بذلتم من الجهد المشكور. إلا أنني فهمت من مقال لكم بالرسالة أنك بعيد عن القاهرة إلى ثغر لا أعرف عنوانك فيه، فرأيت أن ألقاك على صفحات الرسالة لقاء عاماً لا يغضبك لأنني أعرف عن رحابة صدرك وسماحة خلقك وحبك للعلم ما لا ينزلك منازل الغاضبين من أهل الادعاء ولأنني لقيت قبلك الدكتور محمد مصطفى زيادة لقاء عاماً في العدد (٥٢٢) بشأن تصويبات في (كتاب السلوك) فما غضب ولا سخط كما يفعل المغرورون، ولكنه سر وفرح وسعى إلي ليشكرني أمام الأستاذ أحمد الشايب وبعض الزملاء؛ فأكبرت علمه وتواضعه. ولا شك أنك ستهلل لهذا اللقاء لأنه يسرك أن يكون العمل الأدبي الذي أشرفت عليه أنت وإخوانك الكرام في (كتاب الذخيرة) عملاً يقرؤه الأدباء والمتأدبون فيرضون عنكم ويستزيدونكم لتخرجوا كنوز تراثنا العربي سليمة مما يشوهها أو ينتقص من جمالها
ولا أحب في هذا المقام أن أكون مذيعاً، أو تفهم أنت يا أخي أني مذيع لهفوات في الكتاب لم تقصدوا إليها؛ ولكن الله شاء - كما يقول محمد بك رشدي في كتابه فن القضاء - أن يحكم على الكتاب العربي ألا يكون سليما من أخطاء الطبع وألا يخلو من جدول للخطأ والصواب، وألا يسلم من قيام بعض القراء على تصحيحه مهما بذل فيه من جهد. وذلك شيء لا يكاد يوجد في الكتب الأجنبية التي تعرف عنها كثيراً، وتقرؤها كثيراً فلا تجد وضعت موضع ولا تجد نزلت منزل كما نجد في الكتاب العربي كلمة ميزاب وضعت موضع ميراث. . . ولا أزيدك!