قلت - نعم ولكن لم يرو عن هرقليس نفسه أنه نازل اثنين
فقال - ادعني إذن، وسأكون لك أيولاوس حتى تغرب الشمس
قلت - سأدعوك، لا كما يدعو هرقليس أيولاوس، ولكن كما كان يفعل أيولاوس لو كان يدعو هرقليس
قال - لا فرق بين هذا وذاك، ولكن لنأخذ الحذر أولاً لكي نتقي خطراً
قلت - وما ذاك؟
أجاب - خطر أن تتمكن منا كراهة المنطق فذلك من أسوأ ما قد يصيبنا من أحداث، فكما أن ثمة أعداء للإنسانية وهم من يمقتون البشر، كذلك هنالك من يكرهون المنطق وهم من يمقتون المثل، وكلاهما ناشئ من سبب بعينيه، هو الجهل بالعالم، فتجيء كراهة البشر من الغلو في الركون إلى عدم الخبرة، فأنت تثق برجل، وتظنه مخلصاً تمام الإخلاص. وخيراً وأميناً، ثم لا يلبث أن يتكشف لك زائفاً خبيثاً، وهكذا غيره وغيره.
فإذا وقع ذلك الإنسان مرات عدة، وبخاصة من جماعة أصدقائه الذين يظنهم اشد الناس إخلاصاً له، وكثر النزاع بينه وبينهم، فإنه ينتهي آخر الأمر إلى كراهة الناس جميعاً، ويعتقد أن ليس بين الناس على الإطلاق صاحب خير. أحسبك بغير شك قد لاحظت هذا.
قلت - نعم
- أليس ذلك مدعاة للخزي؟ وسببه إن الإنسان في اضطراره إلى معاملة سائر الناس، لا يكون لديه بهم علم، لأنه لو عرفهم لعرف الأمر على حقيقته، وذلك إن ذوي الخير قليلون، وان ذوي الشر قليلون، وان الكثرة الغالبة هي فيما يقع بين هذين
قلت - ماذا تعني؟
أجاب - أعني أنه كما قد نقول عن بالغ الكبر وبالغ الصغر، بأنه ليس أندر من رجل بالغ