لو لم يتعمد الأستاذ صاحب الرسالة فيضع هذه التحية الرقيقة التي بعث بها الأستاذ الجليل محمد كامل سليم بك إلى الأستاذ الحكيم قبالة أولى مقالاتي عن (قضية اليوم)، ولولا ما جاء في هذه الكلمة من نفي عداوة الأستاذ الحكيم للمرأة. . . لولا ذلك كله لآثرت إغلاق هذا الباب الذي اضطرني إلى كثير من القسوة والمرارة في التعبير، وإن كنت على حق كل الحق في جميع ما ذهبت إليه، وما أيدته بكلمات الأستاذ الحكيم نفسه مما لا يُعقل أن ينكره أو يماري فيه. فقد أثبت من صميم شهرزاد للأستاذ الحكيم - وذلك في المقال الثاني - أنه عدو للمرأة في كل زمان ومكان ما في ذلك شك، وأثبت أنه ينظر إليها نظرة تسفل دائماً ولا تعلو أبداً، ويعدها مصدراً للشرور التي تحيق بالعالم وتجعله جحيماً لا يطاق، وسواء أعاملها الإنسان كما عاملها شهريار الأول الذي قتل زوجه ورجم روحها بأرواح العذارى البريئات من بعدها، أو عاملها شهريار الثاني (الديوث!) من الصفح عن أوزارها، أو الغض عما تأتي وما تدع من تلك الأوزار، فالمرأة هي المرأة في الحالين في نظر الأستاذ الحكيم، وهذا هو رأيه فيها، الذي أيده في (القصر المسحور) وادعى التوبة منه، والإنابة مما ذهب بصدده إليه. . . لكن الأستاذ كامل سليم نفى عنه تلك العداوة للمرأة، وبرأه من الموجدة عليها (كما يزعم الزاعمون) بل ذهب إلى أبعد من هذا، فاتهم الأستاذ الحكيم بأنه (صديق المرأة والمنافح عنها!) وقال ذلك بعد أن فرغ من قراءة (عصفور من الشرق) التي لم أكن أن أتعرض لها بخير ولا بشر لما كنت أوثر أن أحصر فيه موضوع (قضية اليوم) وقصرها على ما يتصل بشهرزاد وبأحلام شهرزاد. . . ولكن ما الحيلة، وقد حدثني الأستاذ الزيات قبل نشر المقالين فلمّح في حديثه إلى أنه متعمد أن يضعهما جنباً إلى جنب مبالغة منه في تأكيد ما للرسالة من حرية في النشر أو حرية في الرأي أو حرية في النقد. . . لست أدري أي الحريات الثلاث أراد، ولعله قد أرادها جميعاً
وبعد، فما هي قصة عصفور من الشرق؟ وهل تؤكد تلك القصة شخصية الأستاذ الحكيم التي تظهر جلية في أكثر قصصه، خصوصاً مسرحية (شهرزاد)؟ وسؤال ثالث: هل الأستاذ الحكيم في تلك القصة عدو للمرأة كدأبه أم هو صديق للمرأة كما يتهمه الأستاذ