للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الثقافة المصرية وكيف تستفيد من ثقافة الجاحظ]

[الأدبية والعلمية والسيكولوجية]

للأستاذ مصطفى عبد اللطيف المحامي

دعونا في مقال نشر بالسياسة الأسبوعية إلى الرجوع إلى الثقافة العربية بدوية كانت أم حضرية وأهبنا بالمثقفين ثقافة عالية أن يصرفوا جهودهم إلى بعث تلك الثقافة وتغذية ثقافتنا المصرية بمادة مفيدة صالحة وذكرنا في ذلك المقال أسماء بعض زعماء الثقافة العربية. ومن بينهم أبو عثمان بن بحر الجاحظ أحد أعلام العصر العباسي ومن أكبر زعماء الفكر الإسلامي.

وها نحن نعود أولاء إلى هذه الدعوة وتأييد تلك الفكرة بذكر شيء من ثقافة الجاحظ الواسعة، تلك الثقافة التي يباهي بها العرب ويعجب لوفرتها الجيل الحاضر لأنها ثقافة تزيد في الوفرة على ثقافة جوت الألماني وديدرو الفرنسي ودستوفسكي الروسي وغيرهم من ذوي الثقافات الواسعة الرفيعة.

والحق أني بعد أن تصفحت جمهرة من مؤلفات الجاحظ وما كتب عنها لم أجد وصفا أصدق عليها من أنها كالبحر اللجب الزاخر تحوي الجوهر كما تحوي الصدف، فأنت إذا تناولت تلك المؤلفات ألفيت بحوثا شائقة في الأدب وملاحظات قيمة في العلم ومعلومات رائعة في سيكولوجية الإنسان والحيوان وأفكارا كالأمواج متزاحمة متلاحمة تشرق عليها أنوار الثقافات الفارسية واليونانية والهندية.

هي ثقافة ثرة متعددة النواحي يتطلب تصويرها كتبا مفردة ولكني سأحاول أن أتناول في اختصار ثلاث شعب منها، وهي ثقافة الجاحظ: الأدبية، والعلمية، والسيكولوجية. واكتفي برسم خطوط لتلك الثقافات تاركا إخراج صورة كاملة لها لمن هم أقدر مني عليها. وغايتي من المقال كما سبق إظهار روائع الثقافة العربية وبيان صلاحيتها لتغذية ثقافتنا المصرية، إذ فيها خير مادة لنا وخير ثقافة.

ثقافة الجاحظ الأدبية

ونحن إذا قلبنا البصر فيما صدر عن الجاحظ من المؤلفات الأدبية الكثيرة أدركنا قطعا نفع

<<  <  ج:
ص:  >  >>