ليست إرادة الحق في عرفكم، أيها الحكماء، إلا تلك القوة التي تحفزكم وتضطرم فيكم، تلك هي إرادتكم التي أسميها أنا (إرادة تصور الوجود) فأنكم تطمحون إلى جعل كل موجود خاضعاً لتصوركم، وأنتم تحاذرون بحق أن يكون هذا الوجود قد أحاط به التصور من قبل فتريدون أن تخضعوا لإرادتكم كل كائن لتتحكموا فيه بالصقل ليصبح مرآة تنعكس عليها صورة العقل.
هذا ما تطمحون إليه، يا أحكم الحكماء، وتلك هي إرادتكم تجاه القوة والخير والشر وتقدير قيم الأشياء.
إنكم تريدون خلق عالم يمكن لكم أن تجثوا أمامه، تلك هي نهاية نشوتكم وآخر أمنية لكم. ولكن البسطاء الذين يدعون شعباً يشبهون نهراً تخوضه أبداً ماخرة تقل الشرائع، وقد جلسن عليها بعظمة وأنزلن على وجوههن الحجاب.
لقد أرسلتم إرادتكم وشرعتكم على نهر الزمان، ولكن إرادة القوة مثلت أمامي وكشفت لي حقيقة الخير والشر في اعتقاد الشعوب.
وهل سواكم، أيها الحكماء، من أنزل بإرادته المتسلطة هذه الشرائع في هذه الماخرة وقد حليتموهن بالجواهر وأسبغتم عليهن أروع الأسماء.
لقد سار النهر يحملن بانسيابه وسهم الماخرة يشق أمواجه ومن يبالي بالموجة تقاوم عبثاً في إرغائها وإزبادها.
إن الخطر الذي يتهدد خيركم وشركم لا يكمن في النهر، أيها الحكماء، بل الخطر في إرادة القوة نفسها لأنها الإرادة الحية الدائمة المبدعة.
أن ما سأقوله عن الحياة سيوضح لكم اعتقادي في الخير والشر عندما أتناول ببياني ما تفعل العادات في الأحياء.