إن ما قام به إسماعيل باشا من جليل الأعمال لا يضارع، وما تم في عصره من المشروعات والإصلاحات العامة لا يتسنى لأي حاكم آخر في مركزه أن يأتي بمثلها. بيد أن خطأ إسماعيل باشا كله يرجع إلى السرعة وتعدد المشروعات، وفرط الثقة بدهاة أوربا السياسيين والماليين، وعدم الاحتياط في الإنفاق على الأعمال، وخلو البلاد من المستشارين المخلصين.
أسباب الاستدانة:
كانت زيادة الثروة في البلاد في أوائل حكم إسماعيل بسبب ارتفاع أثمان القطن المصري لنشوب الحرب المدنية في أمريكا في ذلك الوقت أول عامل على تشجيع الوالي في سياسته، فعقد قرضاً كبيراً لتوهمه أن الحرب ستستمر طويلاً، ولكن الحرب وقفت فجأة في عام ١٨٦٥م. ولم يقف إسماعيل باشا عند هذا الحد بل أخذ يعقد القرض بعد القرض، بشروط فادحة حتى عجز عن سداد الدين بل عن فوائده التي بلغت الخمسة أو الستة ملايين من الجنيهات في العام.
وكان إسماعيل يجد من أوربا التشجيع في سياسة الاقتراض طمعاً في ثروة مصر، ولأن كبار الماليين كانوا يبحثون عن البلاد الصالحة لاستثمار رؤوس أموالهم فيها، فوفد الكثيرون منهم إلى الإسكندرية في أوائل حكم إسماعيل، وأسسوا فيها الشركات، واخذوا يتصلون بالوالي، ولجأ كثير من الأجانب في ذلك الوقت إلى مصر لطلب الرزق، وقد أخذت مصالح الأوربيين تنتشر في مصر من ذلك الوقت.
وبعد أن فتحت قناة السويس التي أصبحت أهم طريق للمواصلات بين الشرق والغرب وظهرت مطامع إنجلترا وفرنسا الاستعمارية نحو مصر، فأخذتا تتنافسان في استغلال مصر وامتلاكها
وكان إسماعيل مسرفاً في الواقع، فكان ينفق الأموال الطائلة في إكرام الضيوف الأوربيين،