على الرغم من أن علم النفس من العلوم الحديثة، إلا أن البحوث النفسية في مصر قد خطت خطوات واسعة في الأعوام الأخيرة. ولعل أهم من عوامل الازدهار هذه البحوث قيام الجمعيات العلمية التي ينضوي تحت لوائها المشتغلون بعلم النفس الذين أخذوا على عاتقهم النهوض بالدراسات النفسية، وتطبيقها في مختلف الميادين، ومن هذه الجمعيات: جماعة علم النفس التكاملي التي تصدر مجلة علم النفس وتعمل على نشر الكتب المفيدة. والجمعية المصرية للدراسات النفسية التي يرأسها الدكتور عبد العزيز القوصي عميد معهد التربية للمعلمين ووكيلها الأستاذ أحمد زكي مؤلف كتاب: مبادئ علم النفس التعليمي الذي نقدمه اليوم لقراء الرسالة. والمؤلف الأستاذ علم النفس بمهد التربية بالزمالك، وكتابه هذا خلاصة تجارب وخيرات طيلة خمسة عشر عاما، فلا عجب أن يكون الكتاب تحفة علمية تحبب علم النفس لكل قارئ.
وتأتي أهمية هذا الكتاب من أنه تطبيق لعلم النفس في ميدان التربية. وهذا هو أهم فروع علم النفس. ويشتمل الكتاب على القسم الأول من هذا الفرع وهو دراسة الطبيعة البشرية. بدأه المؤلف بالكلام عن صلة علم النفس بالتربية، ثم لمحة من تطور علم النفس. وقد (شرح) الطبيعة الفطرية البشرية تشريحا يبسط دراستها فحسب إذ أنها وحدة متكاملة. فتحدث عن الغرائز وأسهب في الاستعدادات الفطرية والاجتماعية، وفصل الكلام عن النشاط العقلي والوظائف العقلية المختلفة: طبيعتها واتجاهاتها. وقد أكثره الأستاذ المؤلف من أراد الأمثلة التي استقاها من الحياة الاجتماعية حتى يقرب النظريات الأذهان. وختم الكتاب الحديث عن الذكاء ومقاييسه. وهذا هو الموضوع هو عنوان أول منشورات الجمعية المصرية للدراسات النفسية لركس نايت (ترجمة الأستاذ عطية محمود هنا).
وليس من الشك في أن المكتبة العربية في الحاجة إلى مجهودات أمثال الأستاذ أحمد زكى. وأنا نأمل أن يتحفنا قربا بأجزاء الثاني الذي يبحث في التشكيل الملائم لطبيعة البشرية حتى تكمل الفائدة ويعم النفع، فإن بحوثه في مجلة علم النفس قد شغفتما به حبا، فزاد شوقنا إلى كتبه.