الواعية وهي شروط أساسية للنجاح في رد الخطر الصهيوني وحفظ كيان العرب أما الفصل الرابع وعنوانه الحل السياسي فيتناول فيه رأيه في الحل الأساسي فيقول (أن ما أحرز الصهيونيون من نصر ليس مرده تفوق قوم على قوم، بل تميز نظام على نظام، سببه أنهم يعيشون في الحاضر والمستقبل في حين أننا لا نزال نحلم أحلام الماضي ونخدر أنفسنا بمجده الغابر. الخطر الصهيوني، بل كان خطر اعتدائي علينا لا يرده إلا كيان عربي نتحد تقدمي. وصفات هذا الكيان العربي المنشود هي الاتحاد الفعلي في السياسة الخارجية والاقتصادية والزراعية، وتدرب العقل وتنظيمه بالإقبال على العلوم الوضعية والتجريبية، وتوجيه الجهد الثقافي في الأمة إلى تحقيق أكبر قدر من هذا الانتظام العملي، وفتح للصدر واسعا لاكتساب خير ما حققته الإنسانية من قيم عقلية وروحية) ثم يشرح بعد ذلك معنى النكبة وما أفادتنا من دروس وعبر فيقول: (إن المصائب والشدائد حتى النكبات حافزا للأفراد والجماعات، وعلة من علل تنبهها، ونهضتها ولكنه ليست كذلك في جميع الأحوال؛ ففي بعضها تكون سببا للتقدم، وفي البعض الآخر تكون سببا للانهيار والتبديد والزوال، وهي محك لوضعنا الداخلي الحاضر. فإذا كانت عوامل الرجعية والآن حلال هي المسيطرة علينا فإن هذه النكبة ستزيدنا ضعفا وانحلالا. أما إذا كان لعوامل التقدم والنمو بعض القوة فإن الصدمة العنيفة التي تلقيناها خليقة أن تعزز من قوتنا ونمشي بها قدما إلى الأمام. وعلى كل عربي أن يتفحص حاله ويتبين قدره وليمتحن نفسه ومقدرته على الصمود في وجههم التعسف والإغراء، وليختبر عقيدته إزاء المحن والخطوب ليتفحص تقدميته أما الرجعية وحملاتها. عندها وعندها فقط يكون للنكبة معنى إيجابي بناء.
وأخيرا يختتم الأستاذ قسطنطين زريق كتابه بمقالين نشر أحدهما في جريدة العمل البيروتية بعنوان (صراع بين المبدأ والقوة) والثاني أذاعه من محطة الإذاعة اللبنانية (لماذا نجاهد في فلسطين) والكتاب يقع في ٨٨ صفحة وهو من الكتب التي تفخر بها المكتبة العربية ويجدر بكل مثقف أن يقتنيه.