للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الشعر]

صخرة المكس

للدكتور إبراهيم ناجي

تعال نزف للثغر السلاما ... ألست ترى على الثغر ابتساما

ألم تشعر كأن يديْ عزيز ... مسحن لك المواجع والسَّقاما

كأن خطي الُعبابِ خطى حبيب ... كأن الموج أفئدة ترامى!

سلاماً يا عروس الماء إني ... أحبك لا أملَّ بك المقاما

أسير إلى لقائك نضو شوق ... وأرجع عن ربوعك مستهاما

أراك فتنتشي روحي وقلبي ... كأني قد سقيت بك المَداما

وإن طوى البساط فنصب عيني ... عليك خيال أحبابي القدامى

وإن طاح الزمان بكأس حبي ... فلا الساقي نسيت ولا الندامى!

فؤادي قم بنا نذكر شجانا ... لصخر في جوار المكس قاما!

تعال ولا تقل هذا جماد ... وكيف تروم بالصخر اعتصاما؟

فكم في الحيّ من قلب أصم ... تنكر أو تجاهل أو تعامى

وكم صخر أحس بما عنانا ... وما عرف الحديث ولا الكلاما

وكم في الناس من رجل قويٍ ... شديد البأس يقتحم اقتحاما

تعرض للحوادث لا يبالي ... تلقاها نصالاً أم سهاما!

فإن عرضت له الذكر الخوالي ... رأيت الكون في عينيه غاما

عرته الرجفة الكبرى وراحت ... جيوش الصبر تنهزم انهزاما!

بربك أيها الأنوار ماذا ... صنعت بساهر ألِف الظلاما

بربك أيها الأمواج ظلت ... على الشطآن ترتطم ارتطاما!

أتيتك أبتغي منك التأسي ... وانشد في نواحيك السلاما!

أراك فتحت لي شجناً جديداً ... وكنت أروم للماضي التآما!

وهيتُ، وخانني جلدي، وإلا ... فهذى الدمعة الحرَّي علاما!

أيا بلد التأسي كيف أنسى ... زماني فيك كهلاً أو غلاما!

<<  <  ج:
ص:  >  >>