أطلق الزجل على الشعراء العامي الذي اختلفت قوافيه، وتنوعت أوزانه في القصيدة الواحدة، وأهملت حركات إعرابه، وروعيت فيه العامية في بيانها ومسالك حديثها، وما يغشيها من لحن وتحريف وقلب ودخيل، وأمثال سوقية، إلى غير ذلك.
وقد كانت الموشحات الفصيحة بما أتيح لها من حرية في الوزن والقافية، مرحلة انتقال بين الشعر الفصيح والعامي: غير أن السبب الأصيل الذي هيأ السبيل لظهور الشعر العامي هو فساد ألسنة العوام وانحرافها في تخاطبها من الفصيحة إلى العامية.
والشعر العامي له أهميته وخطره، وبخاصة بعد أن سلخ من عمره سنين، ونضج في معظم العصور نضجا مرموقا. فإذا جاز لنا أن نقول أن الشعر الفصيح يمثل الأمة خير تمثيل، فإنه يمثل خاصتها تمثيلا أدق. أما العامة، ولا سيما بعد فساد لسانها وتأبيه على الفصيحة، فإن الشعر العامي أصبح يمثلها إلى حد بعيد. إذ هو منظوم بلغتها، محكي بأساليبها في تأدية المعاني، محتو على كثير من تصوراتها وأخيلتها وطرق تفكيرها ومظاهر شعورها. فهو لذلك بحاجة إلى العناية بنتاجه ودراسة هذا النتاج. واعتقادنا أن هذه العناية تفيد الفصحى ولا تضرها، فضلاً عما تضفيه على التاريخ والأدب من معونة، تلقى - على الأقل - ضوءا على مدى تحول العامية بين عصر وعصر.
والقصيدة الزجلية تسمى (حملا) تشبيها لها بحمل الداية، لانقسام شطورها - غالباً - إلى قسمين، وينقسم الحمل إلى عدة مقطوعات تحتوي كل مقطوعة منها على عدة أبيات، وتسمى المقطوعة (دورا) أما المقطوعة الافتتاحية فتتألف عادة من بيتين، وتسمى (مذهبا)، ويلتزم شيئاً من قوافيها - غالباً - في الأبيات الأخيرة من كل دور. وعرفت القصيدة الزجلية أيضا في مصر باسم (البليقة) وجمعها (بلاليق) وربما كانت تطلق على الموشحات القصيرة.
وتعددت أوزان الزجل وتنوعت قوافيه، حتى قيل في بلاد الأندلس:(إن من لا يعرف ألف وزن ليس بزجال). وقد ذاعت منه أنواع، عرفت في مصر الشام وغيرهما. ومنها: