ذكرنا أن يوحنا جادل المسلمين في طبيعة المسيح، وأنه وضع خطة للمسيحيين وجادة ثابتة للبحث والمناظرة استهلها بهذه الكلمة:(إذا سألك العربي ما تقول في المسيح؟ فقل له إنه كلمة الله، ثم ليسأل النصراني المسلم بعد ذلك بم سُمَّي المسيح في القرآن؟ وليرفض أن يتكلم بشيء حتى يجيبه المسلم فإنه سيضطر إلى أن يقول: (كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه)، فإن أجاب بذلك، فاسأله: هل كلمة الله وروحه مخلوقة أو غير مخلوقة؟ فإن قال مخلوقة فليرد عليه بأن الله إذاً كان ولم تكن له كلمة ولا روح. فإن قلت ذلك فسيفحم العربي، لأن من يرى هذا الرأي زنديق في نظر المسلمين).
قال المستشرقون: أثار يوحنا بهذا السؤال وبأمثاله مشاكل خطيرة في الإسلام كمشكلة (خلق الأفعال) ومشكلة (خلق القرآن) ومشكلة (صفات الله) وإضرابها. لأنه استدرجهم على رأيهم بهذه الأسئلة والأجوبة إلى أمور لم يكن المسلمون يخوضون فيها. وهو رأي لا يسمح لنا الموقف بالتعرض له لأننا في موضع ترجمة شخص لا في موضع مناقشة آراء.
على أن في كتب الأخبار والفرق والتواريخ ما يتعارض مع كثير من عقائد مذهب المستشرقين. وما بالنا نذهب بعيداً وفي عبارة يوحنا نفسها ما يفند هذا الرأي ويدحض هذا الزعم؟ جاء على لسانه:(فسيفحم هذا العربي لأن من يرى هذا الرأي زنديق في نظر المسلمين)، ومعنى هذا أن جماعة من المسلمين كانت تتباحث في صفات الله أهي قديمة أزلية أم حادثة ومن جملة ذلك كلام الله. والمعروف أن جعد بن درهم الذي ذبحه خالد بن عبد الله القسري في عيد الأضحية، والذي كان أستاذ مروان بن محمد الجعدي آخر خلفاء بني أمية كان من القائلين بخلق القرآن.
وأما (القدر) والقدرية فقد وردت في القرآن الكريم آيات تدل على أن الإنسان مخير قادر على أفعاله. كما وردت آيات تدل على عكس ذلك، وقد ورد مثل ذلك في الحديث.