في أول يوم من هذا الشهر احتفل في بيروت باستقبال جثمان الشاب العالم العربي النابغ حسن كامل الصباح، وقد علقته المنون بمدينة مالون بالولايات المتحدة يوم ٣١ مارس سنة ١٩٣٥ في حادث طيارة. كان قد أشترها ليرحل بها إلى البلاد العربية. فكان فقده خسارة للعلم والاختراع وفجيعة للعرب الذين يرجون بمثل هذا النبوغ البارع أن يثبتوا للناس أن حيويتهم لا تزال فاعلة، وأن خصائصهم لا تزال كاملة، وأن مكانهم من المدينة الحديثة لا بد أن يشغلوه:
ولد الفقيد بالنبطية من جبل عامل في ١٦ أغسطس ١٨٩٤ من أسرة تمت بنسبها لابن الصباح أمير الكويت، وشب مولعاً بالحساب والشعر والفلك، فدرس الجبر والهندسة بنفسه وهو في اليفاعة من سنه. ثم دخل المدرسة السلطانية ببيروت ثم الجامعة الأمريكية بها ولم يتم دراسته فيها لأنه دخل الجندية ونقل إلى الآستانة فعمل في قسم اللاسلكي تحت قيادة ضابط ألماني درس عليه الألمانية، وكان قد درس من قبل الفرنسية والإنكليزية، وظل يتبع دروس الرياضة في تلك اللغات حتى انتهت الحرب فعاد إلى دمشق وعين معلماً للرياضيات في المدرسة السلطانية، وفي عام ١٩٢١ تولى تدريس الحساب في الجامعة الأمريكية ببيروت، ثم بد له أن يهاجر إلى الولايات المتحدة فالتحق بمؤسسة (ماساتشوستس) الفنية وهي من أرقى مدارس الهندسة في العالم، ثم أنتقل إلى جامعة (النيويس)، ثم خرج إلى الحياة العاملة فعين في شركة الكهرباء العامة في (سكسنكندي) نيويورك، وهنالك أثمر نبوغه وأنتجت عبقريته، فأخذ يدهش الفنيين بابتكاره وإبداعه، فخصصت له الشركة مختبراً ومكتباً وجعلت تحت يده مهندسين يعملون بإرادته، وإرشاده، وتوالت عليه - حين دوى ذكر اختراعاته في المقامات العلمية والشركات الكهربائية - شهادات العلماء وتهاني العظماء كرئيس المؤسسة الكهربائية في بوسطون، والأستاذ كاستلو فرانش أستاذ الكهرباء بجامعة ميلان، والأستاذ موريس لبلان العالم الفرنسي الكبير، والمستر هوفر رئيس الولايات المتحدة السابق؛ وسجلت شركة الكهرباء العامة جدول