أمر القرآن الكريم بالرحمة العامة والإحسان الشامل - الرحمة التي تنال القريب والبعيد والإنسان والحيوان، والإحسان الذي يعم الناس جميعاً ويشمل كل فعل وكل قول. . .
ثم خص ضروباً من الناس فوكد الأمر بالإحسان إليهم وكرر الوصية بالبرّ بهم، ومن هؤلاء ضعاف الناس من الفقراء واليتامى إذ كانوا أحوج إلى العطف، وأجدر بالبر، وأولى بالإحسان.
وممن وكد القرآن الأمر ببرهم والإحسان إليهم، ذوو القرابة لأن القريب أعرف بقريبه وأدنى إليه، ولأن الإحسان العام يبدأ بالقرابة ثم يتسع فيعم، ولأن مودة القرابة تمكن الأواصر بينهم وتشيع المحبة فيهم، وتقربهم إلى التعاون. ومن هذه المودة في القربى تستحكم روابط الأسر، ومن الأسر تتألف الأمة متينة الأساس محكمة البناء. فمودة القربى دُربة على المودة العامة، وتمهيد للإحسان الشامل. والقطيعة بين الأقرباء فساد وإن صغر كبير، وشر وإن قل مستطير، وعلة في النواة تبين في الشجرة، وخلل في الأسرة يظهر في الأمة
لذلك وكد كتاب الله الأمر بمودة ذوي القرابة وصلة الأرحام ولا سيما الوالدان
عظَّم القرآن صلة الأرحام إذ قرن تقواها بتقوى الله تعالى فقال:(واتقوا الله الذين تساءلون به والأرحام إن الله كان
عليكم رقيباً). وأمر بتوفية القرابة حقها إذ قال:(وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل). وقرن قطع الأرحام
بالإفساد في الأرض إذ قال:(فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)
وقد جاء في حديث الرسول صلوات الله عليه وسلامه أن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من