للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٢ - الدكتور محمد إقبال]

أكبر شعراء الهند المسلمين في العصر الحاضر

(أن صوتي قد أوقد النار القديمة في بلاد إيران ولكن العرب

لا يعرفون شيئاً عن نغماتي الشجية)

(إقبال)

بقلم السيد أبو النصر أحمد الحسيني الهندي

حينما ننعم النظر في شعر إقبال واتصافه بمميزات خاصة في الأزمان المختلفة نجد أنه يتمتع الآن بدور ثالث. فقد قطع قبله دورين: أولهما دور نشأته، حين كان إقبال لا يزال فتى يافعاً وطالباً بالمدرسة. فقد بدأ إقبال يقول الشعر باللغة الأردية وهو في صباه، فكان ينال به استحسان زملائه الطلبة، ويجمعهم حوله اغتباطهم بحدة ذكائه وتفوقه عليهم في الشعر. فكانت شهرة إقبال في الشعر بادئ ذي بدء محصورة بين أترابه وأقرانه، فلما انتقل من كلية سيالكوت إلى كلية الحكومة بلاهور بدأ يشترك في مجالس الشعراء ويقول القصائد للاحتفالات السنوية لجمعية حماية الإسلام الشهيرة بلاهور، فذاع صيته بين الخاص والعام.

ينتهي هذا الدور لشعر إقبال سنة ١٩٠٥، أي قبل سفره إلى أوربا، ويمتاز شعره فيه بسعة الخيال، وابتكار المعاني، ولكنه مجرد عن دقة الفكر والتعمق بالنسبة إلى شعره في أدوار أخرى، ومعظمه باللغة الأردية، تتجلى فيه روح الحب وطلب الجمال وترحيب العشق، وأكبر ميزة لهذا الدور أنه دور أمل لشيء غير معلوم، ففيه تتوق روح الشاعر إلى المجهول، وتنزع إلى الغائب، وتضطرب، كما يظهر لك من ترجمته بيت من أبيات هذا الدور فيما يلي، قال:

(أنا طالب النور، أنا قلق في معمورة هذا العالم أنا مثل الطفل الصغير في ظلام الوجود الحالك مضطرب كالزئبق).

وأما الدور الثاني فهو الزمن الذي قضاه الدكتور في أوربا أي من سنة ١٩٠٥ إلى سنة ١٩٠٨. وهذا الدور من شعر الدكتور أقل إنتاجاً من الدورين الآخرين، ويمتاز من الأول

<<  <  ج:
ص:  >  >>