(القيثارة الخالدة التي غنت أروع أناشيد الجمال والحرية
والخيال. . .)
للأستاذ محمود الخفيف
- ١٣ -
بين الطغيان والحرية:
لم يقف ملتن بمعزل عن حوادث العصر الذي عاش فيه، السياسية ومنها الدينية، فدخل في غمارها ورمى بنفسه في بركانها وأصابه ما أصابه من نارها، وكاد يحيط بعنقه حبل المشنقة. وما كان لنفس مثل نفسه تعشق الحرية وقد فطرت عليها أن تهاب الضرر أو الموت فتنكل عن الوقوف في وجه الطغيان، وهذا ركن من أهم أركان شخصيته كرجل وكشاعر. لهذا كان لا بد من فصل يجلو حوادث ذلك العصر لننظر بعده على أي صورة كانت صلته بتلك الحوادث وإلى أي مدى أثرت فيه وأثر فيها.
إنتهى بموت إليزابيث عام ١٦٠٣ حكم أسرة تيودور، وبدأ حكم أسرة سيتوارت في شخص جيمس الأول، وقد ولد ملتن بعد خمس سنوات من اعتلاء هذا الملك عرش انجلترة، وظل جيمس يحكم حتى وفاته سنة ١٩٣٥ وهي السنة التي التحق فيها ملتن بالجامعة، وخلف جيمس على العرش ابنه شارل الأول، وظل شارل يقود سفينة الملك وسط الأنواء الشديد التي انتهت بريح عاتية هي الثورة أو الحرب الأهلية، واختتمت هذه الثورة بإعدام شارل بتهمة الخيانة سنة ١٦٤٩، أي بعد عشر سنوات من عودة ملتن من إيطاليا. وحكم البلاد بعد شارل القائد الحربي للثورة أوليفر كرمويل أحد كبراء البيوريتانز وسمى حامي الجمهورية، وظل يحكمها حتى وفاته سنة ١٦٥٨. وخلفه ابنه فحكم البلاد سنة واحدة، ثم عزل لضعفه وأعيدت الملكية في شخص شارل الثاني سنة ١٦٦٠.
وكانت تلك السنوات السبع والخمسون مليئة بالأحداث، وهي من أهم السنوات لا في تاريخ