يا شباب الوادي! خذوا معاني لعظمة في نسقها الأعلى من
سيرة هذا العصامي العظيم
نجح لنكولن في الانتخاب، فظفر بمقعد في المؤتمر ظل ينزع إليه سنوات أربعا طويلة؛ وكان هذا النجاح كفيلاً أن يبث في قلبه من الغبطة والبهجة بقدر ما بثه فيه الانتظار الممل من السأم والضجر، ولكنه كتب إلى صديقه سبيد ينبئه أنه لم يهتز كثيراً للنجاح كما خيل إليه قبل أنه فاعل إذا ظفر. وتلك حالة من حالاته العجيبة، بل هي حال من حالات النفس البشرية تدعو إلى العجب والاعتبار! فكثيرا ما يتمنى المرء ما ليس في يده حتى لتكون سعادته كلها مجتمعه في أن ينال ذلك الذي يتمناه، فإذا اقترب من بغيته أو شه له أنه مقترب راح يطفر من الفرح، ورأى في كل شئ حوله معاني الحبور والغبطة، وإذا بعد عن ضالته أو خيل إليه أنه مبتعد، ضاقت في وجهه الدنيا وبات من همه كأنه في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج؛ حتى إذا قدر له آخر الأمر أن يرسو على الشاطئ وأن يلمس بيده مبتغاه وقف حياله وقفة من لم يجد شيئاً، وفتحة عينيه على الحقيقة كمن يفيق من حلم ذابت ألوانه وتلاشت أطيافه وتبددت رؤاء. . . ذلك هو غرور الحياة، ولكن ما ألذه من غرور! وما الحياة في جملتها أن هي خلت من هاتيك الأحلام؟
وانقضى عام بين نجاحه وذهابه إلى المؤتمر. ولقد صحبته زوجه إلى وشنجطون العظيمة، وزارت البيت الأبيض، ولعلها كانت تحدث نفسها في زهو أنه في غد مقر بعلها. ومشى ابن الأحراج في المدينة تستوقف الأبصار هيئته إذ كانت لا تزال روح الغابة تصحبه كأنما هو نوع من الشجر جئ به إلى غير منبته. . . وسرعان ما أنس الناس به، فهم إذا جلسوا