تقدم الأستاذ عادل كامل إذن بقصته هذه التي تحدثنا عنها - على قدر الإمكان في مقال سابق إلى المجمع اللغوي، فلم تمنحها اللجنة الأدبية جائزة القصة المقررة. وقد وافقنا نحن اللجنة في قرارها على أساس أن مثل هذا الاتجاه مهما يحتمل الكاتب تبعه وحده أمام القراء مباشرة، بلا وسيط من الهيئات المسؤولة.
وعندئذ كتب المؤلف تلك المقدمة الطويلة التي بلغت مائة وثمانيا وعشرين صفحة! وكان في ذلك الخير. فقد أصبحت هذه المقدمة بحثاً مطولاً في اللغة والأدب والفن والأخلاق وصارت هي الأخرى عملاً أدبياً مستقلاً بذاته، قابلاً للنقد والجدال!
ولقد تشعبت نواحي هذا البحث، فلابد من الاختصار في مناقشتها. وتيسيرا للأمر سنسلك نفس الطريق الذي سلكه في إيرادها.
فهم الأستاذ عادل أنه كان هناك اعتراض على (مستوى) أسلوب القصة، فأخذ في بيان ما يفهمه عن الأساليب الجيدة والأساليب الرديئة فنفي أولاً بأن هناك فكرة وتعبيراً كلاهما مستقل عن الآخر، وأن هناك فكرة جيدة تعرض في أسلوب رديء.
(هذا رأي النظرة العجلى) فالفكرة لا تخطر للكاتب مجردة، بل تأتيه في صورة ألفاظ، هذه الصورة اللفظية هي أسلوبه الذي تتحكم فيه الفكرة تحكماً تاماً. لهذا فأنت لا تستطيع أن تعبر عن الخاطر عينه بطريقتين مختلفتين. فحتم أن يتغير المعنى إن اختلفت طريقة الصياغة لأن المعنى الذي يوحي به إليك كاتب ما هو خليط غير منفصل من الفكرة واللفظ
(فمن يفهم الأدب فهماً صحيحاً لا يقر بإمكان وجود موضوع جيد مكتوب بأسلوب رديء، لأنك وأن أعجبت بالموضوع، فأسلوب الكاتب وألفاظه هما اللذان أوحيا إليك بالإعجاب، فهما الصلة الوحيدة بينه وبينك.
(ثمة فكرة جميلة سرت إلى نفسك، وأنت تطالع كتاباً كيف يتم هذا! عن طريق لفظ وفي