للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

رياح وشموع

شعر: كمال نشأت

للأستاذ محمد محمود زيتون

هذه مجموعة رقيقة من شعر الشباب، ضمت أصدق الأحاسيس، التي اهتزت لها مشاعر الأستاذ الشاعر كمال نشأت، وقد ملك الربيع عليه سمعه وبصره، فغفا عن صخب الناس، ومضى إلى الطبيعة يستجليها، فواتاه الإلهام وساعفه النغم.

ولا عجب، فهو من شباب الإسكندرية، أمسى وأضحى بين عينيها، فافتن بالأنسام، واحتفل بالأمواج، واختلى بالأسحار والأصائل، فتصيد لقيثارته الشادية أوتار الربيع، فامتزج النغم الناعم بالموج العتى، وخفقت (الشموع) في رعونة (الرياح) العواصف؛ والربيع في حناياه دوى لا يبلى مع الخريف الحائل، والهجران الموحش.

يستهل الشاعر مجموعة (رياح وشموع) بالقطعة الجميلة التي عنوانها (ربيعي) وهنا نضع بين يدي القارئ مفتاح الشاعرية الذي يهدى إلى أسرار نفسه: فليس الربيع خضرة وزهرة. أو جدولاً وبلبلاً. . أو بعضاً من تلك المفاتن التي تجتمع عليها الحواس المشتركة هذه الدنيا، ولكن الربيع عند الشاعر معان مجردة له أن يمنحها ما يشاء من الأصباغ، وله أن ينغمها بحيث ينفرد هو بتوقيعها على قيثارته في محاريب الفن.

لهذا، كان ربيع شاعرنا معنى جديداً له معالمه ومعارفه، فالحياة في تقلباتها (ربيع خالد لا ينهي) بحيث لا يغفو مع الخريف، ولا يعسو مع الظلام، فليتأمل القارئ هذين البيتين وبينهما سبعة أبيات رقاق:

وبمهجتي أجد الربيع مجدداً ... أبداً نضيراً في الشعور الناضر

أنا في الخريف أرى ربيعاً غافيا ... وأكاد ألمسه صنيعة ساحر

ويسبح بعد ذلك في الآفاق الفساح، دافعاً بجناحيه الذهبي هذا السحاب، متنقلا على بساط سليمان من الروض إلى الميناء إلى محطة الرمل إلى التزام إلى تريانوه إلى العيون النواعس إلى الشاطئ، والربيع من حوله: هالة مشعة أو بسمة دافقة،

<<  <  ج:
ص:  >  >>