حسنة من حسنات محيي النهضة العلمية والفنية، ومجدد شباب اللغة العربية، المغفور له الملك فؤاد، له من الله الرحمة والرضوان، وهو أثر من آثار أياديه الكريمة، ومأثرة من مآثره العظمى التي أسداها إلى اللغة العربية الفصحى، لغة القرآن الكريم، ومفتاح أسراره، ومشرق هدايته، ومطلع أنواره.
أراد رحمه الله بإنشاء مجمع اللغة العربية المحافظة على سلامة هذه اللغة الكريمة، وأن يكون المجمع متابة للعروبة تتجدد فيه عناصرها وتتوثق أواصرها، وأن يكون أمناً للغة الذكر الحكيم يجمع شتاتها ويحيي مواتها ويحميها من عبث العابثين، وجور المعتدين؛ ويدفع عنها طغيان العجمة ويرد عنها وثبات العامية، حتى لا تستهلكها أشتات اللهجات، ولا تذهب بفصاحتها وصباحتها الندوب والآفات، فندب إلى هذا الغرض السامي النبيل، واختار لهذا المهم الجليل، كل عالم ندب من علماء اللسان، وفرسان اللغة والبيان ممن أنجبتهم معاهد العلم: الأزهر ودار العلوم وجامع الزيتونة، ومن أنبغتهم المدارس الإسلامية ومدارس اللغات الشرقية في بلاد المشرق والمغرب.
ولقد بذل هؤلاء الأفاضل الأعلام جهداً مذكوراً، وسعوا إلى تحقيق الغرض الذي ندبوا له سعياً مشكوراً. وجعلوا منذ اللحظة الأولى يمهدون السبيل، ويقيمون فيه لمن يريد أن يسلكه النار والدليل، حتى لا يخبط في مسيره خبط العشواء، ولا يهيم في أودية الأوهام؛ فوسعوا من القواعد وأقروا أموراً تكفل مراعاتها سلامة اللغة وتحقق لها النماء والزيادة، وتيسر على أهل العلم التصرف في مفرداتها حتى تستغني بما تنسله من لفظ أصيل كريم عما يراد إلصاقه بها من كل لفظ دعي زنيم.
وقد أشار رئيس المجمع المغفور له الدكتور محمد توفيق رفعت باشا في كلمته التي ألقاها في افتتاح دور الانعقاد الثالث سنة ١٩٣٧ إلى الطريقة المثلى، وأومأ إلى بعض القرارات التي اتخذها المجمع في دور انعقاده الثاني للوصول إلى تحقيق الغرض المقصود من إنشاء المجمع، وأبان في تلك الكلمة المنشورة في الجزء الثالث من مجلة المجمع طبع سنة