للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قصة المكروب]

كيف كشفه رجاله

ترجمة الدكتور أحمد زكي

وكيل كلية العلوم

الدفتريا

بين واجد سمها الفرنسيّ، وكاشف ترياقها الألمانيّ

ومضت أربع سنوات تحققت بعدها نبوءة لُفلار، وبم تحققت؟ بتجربة تظهر لك غاية في السخافة، والحقيقة التي لا شبهة فيها أنها تجربة أوغلت في الخيال وتفانينه بقدر ما بعدت عن دائرة الحقيقة واليقين. تجربة ما كان يحسب حاسب إلا أنها تنتهي بقتل الخنزير الغيني الذي استُخدم فيها غرقاً؛ ولم تكن هذه التجربة بدعاً في الذي أوحاه هذا العصر من تجارب، فبحث المكروب في باريس كان عندئذ على أشده حدّة وعنفاً، يصدر عن قلوب هائجة محمومة لا عن عقول هادئة باردة، ففي هذا العصر كان بستور خائر القوى، منهدم الكيان، بعد نُصرته التي كانت من كشفه فكسين الكلب، فقنع بأن يشرف في ضعفه على بناء المعهد بالمليون فرنك الذي كان يقام في شارع ديتو وكان في باريس في هذه الفترة متشكنيوف وكان رجلا جموحا احترف البحث في المكروب فسلك فيه سبيلا وسطاً بين العلم والشعوذة، وكان جاء باريس من أوديسا الروسية ليجشأ فيها بنظريات غريبة تتحدث عن بلع كرات الدم البيضاء للجراثيم؛ وأخذ في هذا العصر أشياع بستور يحزمون مجاهرهم في عيابهم ويسافرون إلى سيجون في الهند الصينية وإلى أستراليا، يقصدون إلى كشف مكروبات لأدواء عجيبة لم يكن لها وجود أبداً. وفزعت أمهات كثيرات إلى بستور، والأمل يملأ قلوبهن، يرجونه في كتب لا عد لها أن يُنجي أولادهن من أمراض شنيعة عديدة، ولكن بستور كان رجلا مجهودا منهوكا

كتبت إليه إحداهن تقول: (إنك لو شئت لوجدت دواء لهذا الداء اللعين الذي يدعى بالدفتريا، انك لو فعلت لأعطيت الحياة لأطفالنا وكان لك ثواب ذلك، أننا نذكرك لهم، ونحفّظ اسمك

<<  <  ج:
ص:  >  >>