(يروي روبير جاسكون في هذا الفصل قصة لقائه مع الشهيد
البنا)
في فبراير سنة ١٩٤٦، كنت في زيارة للقاهرة. . وقد رأيت أن أقابل الرجل الذي يتبعه نصف مليون شخص، وكتبت في النيويورك كرونيكل بالنص:
(زرت هذا الأسبوع رجلا قد يصبح من أبرز الرجال في التاريخالمعارصر، وقد يختفي اسمه إذا كانت الحوادث أكبر منه، ذلك هو الشيخ حسن البنا زعيم الإخوان. وقد صار الإخوان عاملا مهما في السياسة المصرية، ويقال إن جملة الإخوان ٨٠ % من لجان العمال والطلبة الذين كانوا في طليعة الحوادث الصاخبة الأخيرة في مصر. ويقول الأستاذ البنا: إن حركة الإخوان فوق الأحزاب، وسبيلها هو العودة إلى القرآن، وغايتها جمع كلمة المسلمين في كل أرجاء الدنيا.
هذا ما كتبته منذ خمس سنوات، وقد صدقتني الأحداث فيما ذهبت إليه، فقد ذهب الرجل مبكرا. . وكان أمل الشرق في صراعه مع المستعمر، وأنا أفهم جيدا أن الشرق يطمح إلى مصلح يضم صفوفه، ويرد له كيانه، وطالما رجا الكتاب والمفكرون الغربيون اقتراب اليوم الذي يتحقق فيه هذا الأمل.
غير أنه في اليوم الذي بات فيه مثل هذا الأمل قاب قوسين أو أدنى، انتهت حياة الرجل على وضع غير مألوف. . وبطريقة شاذة!
هكذا الشرق لا يستطيع أن يحتفظ طويلا بالكنز الذي يقع في يده. .
. . لقد لفت هذا الرجل نظري بصورته الفذة، عندما.
كنت أزور القاهرة بعد أن التقيت بطائفة بكرى من زعماء مصر ورؤساء الأحزاب فيها.
كان هذا الرجل خلاب المظهر، دقيق العبارة، بالرغم من أنه لا يعرف لغة أجنبية. لقد حاول أتباعه الذين كانوا يترجمون بيني وبينه أن يصوروا لي أهداف هذه الدعوة؛