رأته أروروا حينما كان الصبح يتنفس أنفاسه الندية العطرية يثبت فوق الجبال ويصيد الوحوش بين الأدغال، فهامت به، ووقفت تعبده، وتروي من جماله، وتسقي نفسها الصادية أبداً إلى كل ريان مفتان. . . وحاولت أن تكلمه فشاح بوجهه، وتصدت له فأعرض عنها، ثم أنطلق في أثر ظبي فلم يزل به حتى أرداه وانحنى يحمله. . . ولكنه وجد مكانه أورورا. . .! وجدها متجردة تمرغ جمالها تحت قدميه، فنفر نفرة جرح بها كبرياء ربة الفجر الوردية، وجعلها ترمقه بعيني أفعى، تود لو تنفث في صدره سمها فترديه.
(أنا اورورا، ربة الفجر والندى، حبيبة الزنبق والبنفسج والورد، لا أروق هذا الإنسي المخلوق من تراب!! وحق أبي لأسرنه ولأسجننه، ولأجعلنه يتلوى تحت قدمي، ويبكي من أجل قبلة أمن بها عليه!)
وأرسلت رقية من رقاها الساحرة فنشرت الظلام على عينيه والنسيان في قلبه، وبات لا يملك لنفسه حلاً ولا عقداً. . . ثم حملته إلى كناسها في شعاف الأولمب، وحبسته ثمة، وأذهبت عنه طائف السحر فأدرك ووعى، وهب مذعوراً ثم غرق في شيء كالحلم لما رأى العماد من ذهب، والطنافس من عجب، والكأس حفها الحبب، والندامى والطرب، وكل راقصة كالخيال يراقصها أمرد كالطيف، فتميل وتختال ويتأود كالسيف. . . وأورورا مع هذا وذاك تدل وتتبرج، وتفوح وتتأرج، كأنها ربيع بأكمله، زخرف الدنيا بالزهر، ووشاها بالروض، وابتعث فيها المرح والحياة