يا شباب الوادي! خذوا معاني العظمة في نسقها الأعلى من
سيرة هذا العصامي العظيم. . . . . .
- ١٤ -
وثمة حادثة أخرى لها دلالتها على عظمة الرجل ونبله وسمو نفسه؛ ذلك أنه تقدم عن طيب خاطر ليدافع عن حفيد كارترايت ذلك الرجل الذي طعنه في دينه قبل ذلك بعشرين عاماً وهو ينافسه في الوصول إلى مقعد في مجلس الولاية؛ وكانت هذه التهمة أيضاً تهمة القتل؛ ولشد ما تأثر كارترايت وهو اليوم شيخ كبير حينما شاهد حرارة دفاع خصمه لنكولن عن حفيده الذي ما لبث أن برئت ساحته. . .
وأي شيء لعمري أجمل من هذا؟ ألا إنه الخلق العظيم يبهج جماله النفوس ويملك طيبة الأفئدة، إن للناس فيه لقدوة أي قدوة، وإن لهم في صاحبه لأسوة لن يتسنى لهم مثلها إلا في الأفذاذ القلقين الذين ظهروا في هذا الوجود برهاناً على أنه ثمة من صلة بين هذه الأرض وبين السماء!
وندير الحديث بعد إلى السياسة فنذكر أن المؤتمر الذي انعقد من الجمهوريين في سبرنجفيلد عام ١٨٥٨ لترشيح عضو عن الولاية لمجلس الشيوخ قد اجتمعت كلمة رجاله على ترشيح لنكولن، ولقد فعلوا ذلك في غبطة وفي حماسة شديدتين
وهكذا اتفقت كلمة الجمهوريين على لنكولن يقدمونه لينافس دوجلاس رجل الديمقراطيين في الانتخاب لمجلس الشيوخ؛ فيلتقي بذلك الخصمان ويكون بينهما هذه المرة جلاد دونه كل ما سلف من جلاد؛ وينتهي الصراع بينهما فإذا دوجلاس يرى نفسه وقد ابتعد عن الهدف بقدر ما اقترب منه ابن الأحراج، ثم إذا هو يفطن إلى طعنه سوف تحول بينه وبين غايته المرجوَّة فلا يظفر بها أبداً. . .
وعرف لنكولن مبلغ ما ينطوي عليه الموقف من خطر، وأدرك أنه ملاق منه رهفاً شديداً