قبلة الطامعين وموطن الصراع بين المتنازعين ومقبرة المحاربين من كلا الفريقين. معركة بدأت ولكن لا تبدو لها نهاية. كلما آذنت شمسها بالأفول عادت إلى التجدد والاشتعال، وكلما صرع قوم من البشر جئ بآخرين فأكلتهم المدافع ولم تبق منهم ولم تذر!!
هنا في كوريا التقى الدب الروسي بالحمل التركي. لقد كان الدب شديد الهجوم على الحمل في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وكان الناس ما يكادون ينتهون من سماع أنباء حرب بين الدب والحمل إلا عادوا إلى قصة أخرى وغارة أخرى فكان النزاع والصراع دائمين يتجددان في كل لحظة ويبدآن بين فترة وفترة. ثم خفت النزاع وخاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وعاد الشوق إلى الدب الروسي فأراد أن يرتشف من دم الحمل التركي وعز عليه اصطياده في الشرق الأوسط، ولكن الحمل ألقى بنفسه بين يدي الدب الروسي في كوريا فتلقاه الدب فرحا متهللا وهناك شرب الدب من دم الحمل وارتوى بعد أن طال به الظمأ!
قبلة الطامعين:
ولعلك تسألني ما قصة هذه الحرب وكيف بدأت؟ لقد تنفس الناس الصعداء منذ سنين خمس حين أفلت شمس الحرب العالمية الثانية وظنوا أنهم سينعمون بالسلام طويلا وبأن الرخاء سيعود إلى العالم من جديد بعد أن مزقته سيوف الحرب وقنابلها الذرية. ولكن هذا الحلم الجميل لم يتحقق، فما يدري الناس أهم في حرب أم في سلم أم أنهم في هدنة قد تؤدي إلى الحرب، ذلك أنه للآن لم تعقد معاهدة للصلح كما جرى العرف عقب انتهاء كل حرب، وزاد الطين بلة أن حلفاء الأمس أصبحوا اليوم أعداء بعضهم لبعض. فقد وقف الروس بجانب الإنجليز والأمريكان للقضاء على طاغية القرن العشرين هتلر، فلما فرغوا من عدوهم تنازعوا أمرهم بينهم وانقسم العالم إلى كتلتين إحداهما شرقية والأخرى غربية لكل منهم مطامعها وأمانيها، واستيقظ الناس على دوي المدافع تؤذن بحرب جديدة وكان الميدان كوريا.