إني لم ألق محاضرة في مكان عام، في تشنغ كنغ، منذ بضع سنين لسببين: أولهما أنه لم يكن عندي كلام أحب أن أقوله فأحاضر فيه، لذلك أمسكت عن الكلام، لأستر فضيحتي عن أعين الناس. والآخر أنه لو كان عندي شيء من الرأي، لاستطعت أن أنشره في الجرائد والمجلات، وما كنت أود أن أحتل مكانا يحتاج إليه العلماء والأدباء للتعبير عن رأيهم. . . أما اليوم فقد اضطررت أن أقبل ذلك المركز حين دعتني لجنة الثقافة المركزية، وقد اخترت موضوع المحاضرة (وجهة النظر الجديدة في الحياة) لعلي أسترعي انتباه السامعين.
وأبدأكم بأن من الحق ألا أتهور في هذه المحاضرة، فإني لم أتعمق بحث الموضوع، وكل ما جمعت فيه ليس إلا رأيا لا يكاد يجتمع على نفسه ولا نظام له يمسكه؛ لكن يخيل إليّ أني مادمت بشراً يحيا بين أرجاء العالم، وما دام لي شيء بسيط من الفكر، فمن حقي أن يكون لي وجهة نظر في الحياة فيما عدا الضروريات من أكل ونوم وعمل، سواء أكان وجه النظر في الحياة لا تزال تتغير دائما بتغير الأوقات من حيث التقدم والتأخر. إذ من المستحيل أن تظل واحدة مدة الحياة، لذلك طالما تغيرت وجهة نظري في الحياة وتطورت، وأنا أرجو دائما أن يكون تطورها علامة التقدم.
وقع الشك في قلبي من مسألتين، حين قارنت نظم المجتمع ومستقبل الوطن بما أعرف من خلقي الشخصي ومعاملتي للناس.
الأولى أنه قد مضى علينا آلاف ومئات السنين ونحن نبحث عن العفة والفضيلة والخلق الحسن، وندرس عوائد الإنسانية والرأفة والرحمة، منذ عهد كونفشيوس؛ ولكننا مع ما بذلنا من جهد في البحث والدرس، فقد بعدت سيرة الأمة عن القصد كل البعد، حتى خرجنا عن كوننا أصحاب عفة وفضيلة ورحمة. إذن لاشك في أنه لا يكفينا بحث الخلق الحسن