في سنة ١٩٤٠ وقبيل عقد الهدنة بين فرنسا وألمانيا دعت الحكومة الفرنسية الجنرال والقائد العظيم فيجان لتولي القيادة العامة وسد ثغرة سيدان، لقد تحطمت الجبهة واندكت حصون خط ماجينو في الشمال والزحف الألماني لا يقف وراديو برلين يصيح (لو بعث نابليون من قبره، لما كان في وسعه أن يغير القدر المحتوم) لقد هزمت فرنسا وتمزقت جيوش الجمهورية.
وكنت جاراً للجنرال كابو وقد زالت الكلفة بيننا وفي عصر أحد الأيام دعاني لمنزله وقال لي إنه يغادر البلاد الليلة إلى مصر فالسودان فأفريقيا الغربية فمراكش إلى فرنسا، وذلك بناء على دعوة فيجان الذي طلب إليه أن ينضم إلى هيئة أركان الجيش الفرنسي، إذن يجب أن يكون بجبهة القتال قبل أربعة أيام قلت (إنكم تنتظرون قرارات حاسمة لإيقاف هذا الزحف المستمر) قال: (إن إنقاذ فرنسا يحتاج إلى معجزة). أن ذكر أربعة أيام للوصول إلى فرنسا هي التي لفتت نظري، فهذا القائد يغادر بيروت إلى القاهرة ومنها إلى الخرطوم ومنها إلى واداي ومنها إلى بحيرة نشاد ثم تمبو كتو ومنها إلى وسط الصحراء ثم الدار البيضاء ليصل في أربعة أيام إلى فرنسا (التي كان بوسعه أن يصلها في ساعات).
هذا الموقف الحاسم في استراتيجية البحر المتوسط سببه دخول إيطاليا الحرب تلك الدولة التي تملك من المراكز ما يمكنها من أن تشل حركة الحلفاء جميعاً وتجعل من البحر قسمين وتدخل في صميم القارة الأفريقية بقطاع يهدد أملاك إمبراطوريتين.
ومن هذا نفهم أول مبرر يدفع الفرنسيين للتمسك بأقليم فزان على أساس أنه على الطريق الجوي بين مدغشقر وفرنسا.
وحينما عقدت الهدنة ظهرت حركة الفرنسيين الأحرار التي ترأسها الجنرال ديجول أخذ يسعى إلى جمع شمل الإمبراطورية تحت لوائه فكان أول من أنضم إليه الجنرال كاترو