للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التاريخ في سير أبطاله]

أحمد عرابي

أما آن للتاريخ أن ينصف هذا المصري الفلاح وأن يحدد له

مكانة بين قواد حركتنا القومية؟

للأستاذ محمود الخفيف

وفي يناير من السنة التالية صدرت من ثلاثة من الضباط على رأسهم احمد عرابي حركة أخرى كانت هي الجريئة حقاً، حركة جرت في أعقابها حركات فكانت بمثابة الشرارة التي أوقدت النار

نمى إلى عرابي، وهو في منزل أحد أصدقائه أن وزير الجهادية قد اعتزم عزله وزميله عبد العال بك حلمي، وعلم عرابي أن عدداً من الضباط في منزله ينتظرونه، فخف إليهم فوجدهم يعلمون ما يعلم فتشاوروا في الأمر، واختار عبد العال بك وعلي فهمي بك عرابياً رئيساً لهما ولمن يتبعهما من الضباط في حركتهم الوليدة التي دارت حول طلب عزل رفقي باشا من الجهادية ورفع المظالم عن رجال الجندية

ويذكر عرابي في مذكراته أنه بين للضابطين خطورة الحركة ولكنهما أصرا عليها فطلب إليهما أن يقسما له أن يخلصا النية، فأقسما. ولنا أن نتساءل هنا: لم اختير عرابي قائداً لهذه للحركة دون غيره، وقد كان فهمي على رأس حرس السراي وله صلات برجال الحاشية، ولم يكن عبد العال دون عرابي مرتبة وخبرة؟

إن اختيار رجل من الرجال دون غيره لقيادة حركة من الحركات أمر ينطوي لا ريب على معنى. وما ولدت الزعامات في الغالب إلا بهذه الطريقة. ففي ذلك الرجل توجد صفات يتميز بها من سواه فتجتمع عليه القلوب والأهواء في لحظة لا يكون للتنافس الشخصي فيها مجال. وهذا عندي خير مقياس للزعامة، وبخاصة إذا كان هذا الرجل المختار معروفاً من قبل لمن يختارونه فلا يكون إقبالهم عليه إعجاباً وقتياً لا يلبث أن يتبين خطأهم فيه.

ولن يشذ عرابي عن هذه القاعدة فإنما اختاره الضباط لما عرفوا فيه من صفات الجرأة والحماسة والإخلاص، ولما جربوه عليه من الصدق وحسن الطوية. هذا إلى أنه كان يفوقهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>