للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الشافعي واضع علم أصول الفقه]

للأستاذ الشيخ مصطفى عبد الرزاق. أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية

الآداب

- ٢ -

والمروي عن الشافعي: انه قال: انه حمل إلى مكة وهو ابن سنتين من غزة أو عسقلان.

وفي كتاب (معجم الأدباء) لياقوت: وفي رواية أن الشافعي قال: ولدت باليمن فخافت أمي على الضيعة فحملتني إلى مكة وأنا يومئذ ابن عشر أو شبيه ذلك. وتأول بعضهم قوله (باليمن) بأرض أهلها وسكانها قبائل اليمن، وبلاد غزة وعسقلان كلها من قبائل اليمن وبطونها.

قلت: وهذا عندي تأويل حسن إن صحت الرواية وإلا فلاشك انه ولد بغزة وانتقل إلى عسقلان إلى أن ترعرع، ج٦ص٣١٨.

ويقول ابن حجر في توالي التأسيس ص٤٩: (والذي يجمع الأقوال أنه ولد بغزة عسقلان، ولما بلغ سنتين حولته أمه إلى الحجاز ودخلت به إلى قومها وهم من أهل اليمن، لأنها كانت أزدية، فنزلت عندهم، فلما بلغ عشراً خافت على نسبه الشريف أن ينسى ويضيع فحولته إلى مكة).

وليس من رأيي التوفيق بين الروايات المتضاربة قويها وضعيفها على هذا الوجه، فتلك طريقة ليست من التمحيص التاريخي في شيء، بل يجب تخير الروايات الصحيحة السند التي يرجحها ما يحف بها من القرائن والذي تدل عليه الروايات الراجحة أن الشافعي ولد بغزة ومات فيها أبوه كما مات بها من قبل هاشم جد النبي عليه السلام. ثم حملته أمه إلى عسقلان وهي من غزة على فرسخين أو أقل. وكان يرابط بها المسلمون لحراسة الثغر منها. وكان يقال لها (عروس الشام) وفي كتاب (أحسن التقاسيم) للمقدسي المعروف بالبشاري: (أن خيرها دافق، والعيش بها رافق).

وكل هذه الاعتبارات جديرة بأن تجعل الأيم الفقيرة تختارها سكنا لها ولطفلها اليتيم الغريب.

فلما بلغ الطفل سنتين وترعرع وأصبح يحتمل السفر حملته أمه إلى مكة لينشأ بين قومه

<<  <  ج:
ص:  >  >>