للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على هامش النقد:]

٣ - في عالم القصة

الرواية الشعرية بين شوقي، وعزيز أباظة

للأستاذ سيد قطب

عيب من عيوبي، أنني أنفر من الزحمة، واكره الضجيج. وأطبق هذا في عالم الأدب كتطبيقي له في عالم الحياة. فيكفي أن تثور الضجة حول مؤلف أو مؤلف، حتى يصرفني هذا عنه إلى حين، ثم أتناوله في هدوء وانفراد لأرى رأيي فيه. وكذلك أصنع مع كل شخصية في الحياة يتزاحم حولها المتزاحمون، إلا أن يخلو الجو، وتهدأ الضجة، فأقرب من هذه الشخصية لأتملاها، وكأنما لم أسمع من قبل عنها شيئاً!

ويسبق إلى نفسي سوء الظن؛ بكل ضجة وازدحام. ويقع في بعض الأحيان، أن يتبين لي خطئي في إساءة الظن بإحدى الضجات؛ ولكن هذا لا يعصمني في المرة التالية، من تغلب هذا الطبع، أو هذا العيب، الذي أعترف به ولا أخفيه!

كان هذا شأني منذ أكثر من عشر سنوات مع (أهل الكهف) لتوفيق الحكيم. فآني لأذكر أن ضجة استقباله في عالم الأدب، قد أخرتني نحو عام كامل لا أقرأ الكتاب، ولا أعرف عن صاحبه شيئاً، حتى قرأته، فعلمت خطئي في هذا التأخير

وكذلك كان شأني مع (قيس ولبنى) لعزيز أباظة. لقد كنت أعرف فيمن أثنوا على الرواية وشاعرها من لا أشك في صدق تقديرهم وصدق تعبيرهم ولكني كنت أعرف بجوارهم جماعة أخرى؛ يضجون ويتبارون في الضجيج؛ وأنا على يقين جازم من أنهم إنما يتوجهون بالضجة إلى عزيز بك أباظة المدير!

ولما كنت قد قضيت شطراً من حياتي في احتقار هذا الصنف من الناس؛ وفي كشف العوامل الخفية التي تحفز هذه الطفيليات الواغلة في الأدب. فقد وجدتني - دون وعي - أعزف عن شهود الرواية وهي تمثل على المسرح، وأعزف عن قراءتها بعد أن طبعت في كتاب. وكأنما اختلطت الرواية في وعيي الباطن بما أكرهه من تزاحم المتزاحمين!

وأخيراً أقرأ في مجلة الثقافة للدكتور الفاضل أحمد بك زكي كلمة تحت عنوان: (بين

<<  <  ج:
ص:  >  >>