سلام الله عليك ورحمته. وبعد فقد ذكرتم في العدد ٢٣٨ من (الرسالة) الغراء تماثل الآنسة (مي) زيادة من مرضها الذي لازمها نحو عامين، وبشرتم أهل العلم والفضل بهذه البشرى التي أثلجت الصدور وأقرت الأعين، فقمتم بعملكم هذا بحق الأدب عن كل أديب جزاكم الله خير الجزاء
ولكن قارئ هذا الخبر يظن أن الآنسة (مي) كانت حقيقة مريضة في لبنان وأنها الآن في دور النقاهة، مما يخالف الواقع ويسدل ستاراً كثيفاً على المأساة التي أراد بعض من لا أخلاق لهم أن يمثلوها ويحولوا بين هذه العبقرية وبين ما كانت تنثره من الدرر الغوالي وتبديه من الأفكار النيرة وتخدم به المجتمع العربي
وأظنكم لا تضنون على قادري قدر (مي) وعارفي فضلها بإزاحة ذلك الستار الأسود عن تلك النفوس المريضة والوجوه السود التي قذفت بأرقى شخصية أدبية في المارستان ثم بالمستشفى تحت جنح الظلام ومنعتها من الاختلاط بالناس فجعلوا منها ميت الأحياء
وعلى هذه العقيدة أكتب للرسالة الغراء - لا لك ولا لي، ولكن للحقيقة والتاريخ - عما أصاب (مي) من المصائب، وانتابها من النوائب، وفي خلال السنتين المنصرمتين حتى عادت شبحاً من الأشباح تنقم على البشرية الظالمة وتعبت على جيرانها الأقربين، وخصوصاً سيدات العرب اللائي انتصرت لهن في كل مواقفها. وإلى القارئ العزيز فصول هذه المأساة وله أن يحكم بنفسه في أي عصر من العصور المدنية نحن؟ وما هذا الذي يجري في معاهد العلم والفن من المآسي والمخازي التي تشيب لهولها الولدان وتضطرب الأفئدة؟
لا شك في أن كل أديب وأديبة في لبنان ومصر وفلسطين وسورية والعراق وجميع بلدان العرب يعرفون فضل (مي) على النهضة العلمية عامة والنهضة النسائية خاصة، ولكنهم ربما لا يعرفون أين تنبت هذه الزنبقة العطرة، فرأينا أن نقتضب من سيرتها ما تجب