أو كالتي يحسبها أهلها ... عذراء بكرا، وهي في التاسع!
كنا نرى فيها، فقد خرقت ... واتسع الخرق على الراقع!
إذا كانت الهزات الاجتماعية، والحروب الكاسحة، معوقة للتقدم العلمي، حائلة بين ركب الحضارة وبين الخطو للأمام، فإن الزلازل التي بلى بها الأزهر منذ ست عشرة سنة، جديرة أن تهزه هزا عنيفا يكاد يفقده سمعته العلمية، ويشكك الناس في رسالته، حتى ليوشك أن يبقى اسما فارغا تحته واقع من الفوضى العمياء، والتهويش المخرب، والجهل العميق، والجعجعة الكذوب!
وإذا كان الأزهر في فتائه وإخلاصه للعلم، واستفراغ جهود أبنائه في الدرس، وتوفرهم على البحث - لم يستطع أن يساير الركب إلا لاهثا منهوكا، فأحر به وقد انصرف بنوه رؤساء وأساتذة وطلابا إلى الشغب والاضطراب، وتنور الحركات السياسية المشئومة، والجري معها كما تهوى الأغراض والمنافع، وإرسال الخطب تغريرا بصغار الطلاب ومغفليهم، أحر به وقد انصرف بنوه إلى ذلك كله أن يكبوا كبوا لا يسرع معه إلى النهوض، وأن يكون بمبعدة من ركب الحياة النشط الجاد، لا يدركه إلا بالعجزة بخرق العادة، وتأتي بما وراء الظنون!
امتازت السنوات التي قضاها الشيخ الأحمدي شيخا للأزهر (بين سنة ٢٩ وسنة ٣٤) بأنها كانت مخلصة للعلم والدرس والنظام، ولقد أفاد الطلاب والأساتذة على السواء من هذه النهضة المباركة، ولا يزال من أصابوا حظهم من الدراسة في هذه الفترة، على قدر من الثقافة الأزهرية المؤصلة التي لا تحوج إلا إلى قدر يسير من المعاودة والمراجعة، ليستوي صاحبها عالما ملما متهيئا للإفادة
ولئن كان الشيخ الأحمدي قد أثم أكبر الإثم بما جارى من السياسة الغشوم باشا في تلك الفترة، فأرهب الطلاب والأساتذة، واتخذ بعض العلماء عيونا على بعض، وعاقب بالظنة،