قرأت ما كتبه في الرسالة (العدد ٤٢٥) الأستاذ عبد السلام محمد هارون فشكرت للكاتب الفاضل حسن رأيه، وجميل ثنائه وأعجبت بتدقيقه وتحقيقه، وتلقيت بالقبول والسرور نقده الذي يبن عن صدق النية، وخلوص القصد في طلب الحق. وكلنا طلاب علم نسأل الله الهداية والتسديد!
وقد أخذ الأستاذ على الكاتب مآخذ وهذا بيان رأيي فيها: قال بعد أن ذكر كثرة التحريف في النسخة المخطوطة، والجهد الذي بذل في تصحيحها:
(ونحن في هذا الصدد نأخذ على الأستاذ أنه لم يتوخ النشر العلمي من إثبات الأصل والتنبيه عليه فقد يكون للقارئ وجه في التصحيح غير الذي ارتضى. . . وكتاب مثل كتابنا لبس من جلال التاريخ ما ليس جدير بما ذكرت من وجوب بيان أصله للرجوع إليه ووجوب مقارنة نسخه بعضها ببعض)
والجواب أن مذهبي في النشر ألا أخالف النسخة التي اتخذتها أصلاً إلى حين أن يتضح غلطها، وإن كان هذا الغلط في مواضع قليلة أثبته في مواضع. أثبته في الحاشية ليعرف القارئ ما وقع في أصل الكتاب؛ ولكن نسخة كليلة ودمنة التي أنشرها مملوءة بأغلاط واضحة كثيرة لا ينال الناشر والقارئ من إثباتها إلا العنت
وأما مقارنة النسخ المختلفة فقد بينت في المقدمة أن النسخ المطبوعة، إلا نسخة شيخو، ملفقة مغيرة تصرف فيها الناشرون كما شاءوا على غير خطة معروفة. ثم بين هذه النسخ كلها بعضها وبعض، وبينها وبين نسختنا ونسخة شيخو، ثم بين هاتين النسختين من الاختلاف ما لا يمكن إثباته في الحواشي بل يختلف السياق أحياناً حتى يحسب القارئ أن أمامه كتباً مختلفة
ثم يرى الأستاذ أن (لفة ابن المقفع في كليلة ودمنة لغة عالية تعلوا على المتأدب والأديب أيضاً فهي محتاجة إلى توضيح وتقليد وبيان. . . الخ)
وليس هذا رأياً في هذه الطبعة التي أريد بها أن تكون في الأغلب هدية للعلماء والأدباء لا أن تكون كتاباً مدرسياً يؤدي به الناشئون. نعم ربما يستعان بهذا الكتاب على درس أساليب