في مدينة نيويورك رجل أسمه توم وعمره، ٥٧ سنة. عاش منها ٤٨ سنة لم يبتاع طعاماً، ومع ذلك فهو يأكل أي طعام تشتهيه نفسه. سدت قناة الابتلاع (الزور) عنده وهو في التاسعة من عمره إثر شربه لسائل ملتهب حرق الزرو ولم يفد الطب في علاجه فأغلق إلى الأبد. واضطر الجراح إلى فتح نافذة مستديرة قطرها بوضة وربع في معدته ليتناول منها غذاءه
واندفعت أغشية المعدة من هذه الفتحة فكونت ثنية قطرها ثلاث بوصات. فان أراد أن يأكل رقد على ظهره وفك الأربطة عن وسطه، وأزاح وسادة عن فتحة المعدة، ثم يثبت فيها أنبوبة قصيرة من المطاط. وبعد ما يمضغ طعامه يضعه في معدته عن طريق الأنبوبة. وبهذه الطريقة تناول ما لا يقل عن ٣٠ ألف وجبة طعام لم يشعر فيها بأية مضايقة.
مارس هذا الإنسان كثيراً من الألعاب الرياضية وهو غلام واشتغل في عدة مهن يدوية، فلم يلحظ زملاؤه شذوذه إذ كان يتمتع بصحة جيدة. إلى أن أكرهته ظروف العمل إلى الاشتغال في حفر الخنادق فأهبت الحركة المستمرة أغشية المعدة المكشوفة حتى أدمتها واضطر إلى الالتجاء إلى أحد المستشفيات، وهناك أكتشفه الطبيبان ولف، فوجدا فيه حقل تجارب لن يسمح الزمان بمثله. ففي هذه المعدة المفتوحة يستطيعان أن يكشفا أسرار أمراض المعدة، وأسرار التغذية، وتأثر عملية الهضم بالانفعالات النفسية.
وتمكنا من إغرائه بالوظيفة الثابتة في معملهما، وبما يؤديه للإنسانية من خمات، فقبل منذ ست سنوات أن يعمل معهما. فاشتغل في صباحه حقل تجارب، وبعد الظهر كمحضر في معمل مستشفى جامعة كورنل الطبية.
وفي مثل هذا الإنسان تسهل دراسة الظواهر المعدية بإنفاذ آلة مثل منظار الغواصة المزود بالضوء إلى داخل المعدة. ولهذا ظلت حياة هذا الإنسان طوال السنوات الست الماضية ممتزجة بالتجارب الطبية. فإنه أغنى الطبيب عن استعمال منظار المعدة الذي لا يتيح فحص الإنسان العادي أكثر من عشر دقائق.