للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في سبيل فلسطين]

المؤتمر البرلماني للأمم العربية الإسلامية

لأول مرة في تاريخ العروبة والحنفية يجتمع وفود الأمم الإسلامية

الشرقية والغربية في مكان واحد على شعور متفق وغرض مشترك

وسياسة عامة. ولهذا الحادث الفريد المجيد معان من الدعوة النبوية

التي قامت على جلجلة الوحي ويقظةالضمير، وانتصرت بقوة الإيمان

وعبقرية الجنس، وانتشرت بوحدة العقيدة والفكرة والهوى والألم. فأن

السبب الأول في نجاح الدعوة الكبرى إنما يرجع إلى يقظة الحس

العربي واستعداده للكمال الروحي والاجتماعي في زمن البعثة، كما

تتيقظ الأرض وتستعد للتجدد والأثمار في زمن الربيع. ومحنة فلسطين

على فداحتها لو حدثت في غير هذا الوقت لمرت على مشاعر العالم

الإسلامي كما تمر الريح العَصوف بالصخور الصم في الجبل، أو

بالجذور الميتة في الغابة. وهل مأساة فلسطين إلا فصل من مأساة

الأندلس؟ ومع ذلك حدثت تلك على مسمع الدول العربية والإسلامية فلم

تثر لمحنتها أمة، ولم تتفق على نصرتها كلمة؛ وانقطع أنين الأندلس

الشهيدة على فنون شتَّى من عذاب الجسم والروح، والمسلمون والعرب

غافون من خدَر الذل والاستكانة لا يحفلون بالوجود ولا يشعرون

بالزمن. فلو كان الألم وحده مغنياً في أيقاظ الشعور وتأليف القلوب

وجمع الأيدي، لكانت هذه النكبة وحدها حرية بتوحيد الأشتات وبعث

الأموات وتناصر الأخوة

أريد أن أقول أن هبَّة العرب والمسلمين لنجدة فلسطين إنما انبعثت عن حياة جديدة، كانت

<<  <  ج:
ص:  >  >>